شاء القدر أن أطلع على طلب استخراج الجواز الالكتروني عندما ذهبت لاستخراج جواز شقيقي أمير وأقربائي أحمد ورماح من جوازات جهاز المغتربين؛ الذي دخلته للمرة الأولى رغم الاغتراب لقرابة العقدين من الزمان !!
استوقفتني عدة أشياء ساذكر أهمها في تلك الرحلة لاستخراج الجواز الإلكتروني وهي رحلة (اثبات الوجود) كما سماها شقيقي، ومن معه ممن تملكتهم الفرحة لأنهم سيمتلكون أوراقا ثبوتية للمرة الأولى في عمرهم الغض الصغير !!
اول ملاحظة لي عندما وقفت السيارة بجانب جهاز المغتربين هي؛ أن اناسا كثر، رجال ونساء وبعض الأطفال كانوا جلوسا على الأرض عند بوابة الجهاز، مما استدعى مشهدا ألاحظه باستمرار أمام المستشفيات الحكومية بوجه خاص لأناس ينتظرون موعد زيارة مرضاهم وهم يحملون (عواميد) الطعام وحافظات المياه !!
تطلعت في وجوه أولائك الناس ولم أجد أثرا لرطوبة دول الخليج ولا نعومة ودعة دول الإمارات ولا دول الغرب !!
لا أدري.. ولكن حرارة الشمس ولهيبها في الخرطوم قادرة على محو أي آثار للترطيب والراحات، بحيث انك لا تفرز ما بين (مغترب) قضى جل عمره في الخارج، وآخر لم ير مطار الخرطوم إلا وهو مار بشارع المواصلات !!
الأمر الآخر والمثير للدهشة! والذي لم أجد له إجابة لدي ولا لدى من رافقتهم في رحلة (اثبات الوجود الكترونيا) هو ماجاء في (فورمة) او طلب استخراج الجواز، وتلك الخانات التي على الطالب ملؤها بكتابة المعلومة او وضع علامة صاح وخطأ في المربع الموجود بجانب السؤال !!
هناك أسئلة موضوعية وعادية ومفهومة مثل الاسم الرباعي واسم الام وفصيلة الدم وما شابه؛ ولكن الشيء الذي لم اجد له تفسيرا هو ما علاقة قبيلة الطالب ومحتوى مباني سكنه ونوعه باستخراج الجواز؟!
جاء في طلب الاستخراج خانات مكتوب عليها الاتي ( بيتك ملك ولا ايجار) و(جالوص ولا طوب)!!
ولم أجد لي تفسيرا لهذه الأسئلة؛ وما الذي يهم الدولة في ان بيتي ملك او إيجار وجالوص او طوب وخرصانة مسلحة؟!!
هل يدفع من كان بيته جالوصا اقل من ذلك الذي يملك بيتا بالطوب الأحمر مثلا؟!!
الاكثر أهمية من كل ذلك أن الجواز وبعد كل تلك الأسئلة والإجراءات العادية والغريبة فهو يأخذ اسبوعاً بحاله، قبل ان يرى النور ويتسلمه صاحبه!!
أسبوع بحاله تتعطل فيه مصالح المواطن المسكين قبل ان يخرج جوازه الإلكتروني الذي ربما يموت مريضا في انتظار السفر قبل أن يرى جوازه الممغنط بين يديه !!
اسبوع تمام! هي الفترة التي يعطيك لها موظف الجوازات لاستخراجه من دائرة جهاز المغتربين- والسبب في ذلك كما سمعت من أحدهم- أن الجوازات تذهب الى امدرمان في شبكة مزحومة لا يمكنها استخراج الجواز ولا حتى في ثلاثة أيام !!
قال لي احد المغتربين وهو جالس تحت ظل النيمة بجانب بوابة جهاز المغتربين ( الجماعة ديل قايلين المغترب ده مرطب ومرتاح هناك في المكيفات وحالفين يجففوا الرطوبة الفي جسمه بجنس الحر والشلهتة دي يا بتنا) !!
ويبقى ان من الحسنات داخل ذلك المكان المعني باستخراج جوازات المغتربين هو وجود مدير الجوازات العميد (الرشيد) وهو رجل رشيد بحق اذ انه يستثني بعض الحالات ويعجل بتخليص بعض الإجراءات لأصحابها ويساعد الكثيرين لإنجاز اوراقهم وقضاء حوائجهم بابتسامة ووجه بشوش فله التحية ولأمثاله كل التقدير ..!! نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/6/19
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]