أما موسيفيني فقد كان (فى الميدان) ولكن فى نقطة (مظلمة) أُختيرت له بعناية وهى شبيهة بالنقطة التي يقف فيها من توكل إليه (مراقبة الطريق)! وهذا يفسر سر الارتباك الشديد الذى بدا على موسيفيني وهو يطوي صفحة صديق عمره فى عتمة الليل وسط الرعود وبرق البروق، لتنطوي صفحة وتبدأ صفحة جديدة.
الظروف الآن جمعت بين الاثنين وهي ظروف بالنسبة للحلو بالغة السوء، فهو مريض مرضاً مزمناً تصعب معه الحركة فى الميدان والقتال، وهو مهزوم شر هزيمة ولولا جوبا لكان الآن فى عالم آخر حين حاصرته قوات الجيش السوداني قبل نحو من عام مضي وكادت يدها الطولي أن تطوله ولم يجد مناصاً من إستصراخ جوبا عبر جهاز اللاسلكي المتطور الذى كامل أمله واستجابت له جوبا لتنتشله فى آخر ثانية!
الحلو بالنسبة للقادة النوبيين ورقة (متهرئة) فقد خسر مكانته السياسية فى ولاية جنوب كردفان وخسر معها الى الأبد إمكانية استعادتها حيث شاعت حقيقة أن الرجل لا ينتمي الى النوبة بأدنى صلة، فهو من قبائل المساليت أماً وأباً، ومن ثم فهو ليس ممن لهم الحق فى المنطقة للدرجة التي ترفعه الى درجة القيادي.
موسيفيني والحلو منذ أشهر يجمعان الأموال ويضعان الخطط سعياً لاستعادة ولو جزء من ولاية جنوب كردفان وهى خطط فشل واضعوها فى إحكامها وفشل منفذوها فى التنفيذ الجيد. وربما لهذا السبب يهتمّ الرجلان الآن فقط بجمع المال . وتشير متابعات (سودان سفاري) فى كمبالا الى أن الحلو بدأت تظهر عليه مظاهر الثراء الفاحش هو ما أثار قلق بعض قادته الميدانيين الذين تناهت الى أسماعهم سهراته الرئاسية الليلية بصحبة الرئيس اليوغندي موسيفيني والغانيات المستجلبات من نيروبي وإثيوبيا خصيصاً لهذا الغرض.
ويخشى العديد من منتسبي ما يسمى بقطاع الشمال فى جنوب كردفان وعلى وجه الخصوص من إثنية النوبة أن تنجح مساعي الحلو في الاستيلاء على (بنك النوبة) المنشأ فى العاصمة الجنوبية جوبا لصالح أبناء النوبة، بعد أن أصبح الحلو كثير التردد عليه فى عودته من كمبالا وشديد الحساسية تجاه العاملين فيه وشديد الحساسية أكثر فى متابعة عمله وحساباته والتي تعتبر سراً من الأسرار ولا شك أن التقارب الشديد بين الحلو وموسيفيني فى مثل هذه الظروف تثور حوله العديد من الاستفهامات، ففي الغالب لا يقترب الرئيس اليوغندي كثيراً من شخص بهذه الدرجة إلا أن كان وراء ذلك أمراً ما، وهو ما يعتقد العديد من المراقبين انه لن يظل سراً على المدى البعيد؛ كما أن الحلو الذى بدأ يستشعر عزلة فى جوبا فى ظل المعاملة الأقرب الى الجفاء والقسوة التي يلاقيها من كبار ضباط الجيش الشعبي، ربما وجد (راحة وسلوى) له فى أنحاء كمبالا وأجوائها الاستوائية الماطرة الممتزجة بالمناخات الأوروبية الغائمة، وبهذا فإن سر التقارب، وسر التقاء الرجلين المتواصل يحتاج الحلو رغم كل مكره الى وقت طويل لإدراك ما وراءه!
سودان سفاري
[/JUSTIFY]