{ السيد “جعفر”، وهو نجل السيد “محمد عثمان الميرغني” زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي ومرشد الطريقة (الختمية)، وصل القصر الرئاسي ممثلاً لحزب الاتحاديين العريق، مشاركاً الدكتور “جلال الدقير” رئيس الجناح الآخر من الحزب الاتحادي، في ذات المقام الرئاسي الرفيع.
{ إذن، (اثنان) من مجموع (خمسة) مساعدين للرئيس ينتميان للحزب الاتحادي الديمقراطي (الكبير)، بينما الثالث يمثل (المؤتمر الوطني) وهو الدكتور “نافع علي نافع”، والرابع يمثل حزب الأمة القومي وكيان الأنصار – حتى وإن قالوا لا يمثلنا بل يمثل نفسه – وهو العقيد (م) “عبد الرحمن الصادق المهدي”، والخامس ينوب عن شرق السودان و(مؤتمر البجا) وهو السيد “موسى محمد أحمد”
{ غياب السيد “جعفر” أثار العديد من التساؤلات، وفتح الباب للكثير من الشائعات، وشجع على الخوض في التحليلات بحثاً عن إجابات: لماذا غادر الحسيب النسيب القصر الرئاسي محتجاً أو مغاضباً؟!
{ تبدو الحالة شاذة، فلا يستقيم أن يتغيب قائد من قادة الدولة، لأشهر متلاحقة، بينما قوانين ولوائح الدولة في الخدمة المدنية تعرض العامل أو الموظف المتغيب لـ (45) يوماً لعقوبة (الفصل) من العمل بدون حقوق!!
{ قد يكون السيد مساعد الرئيس محقاً في احتجاجه، ربما بسبب (تهميشه) وعدم تكليفه بالإشراف على (ملفات) محددة، أو لأي سبب آخر، ولكن هذا لا يبيح له (الغياب بدون إذن) لمدة (خمسة أشهر).
{ الإجراء الصحيح والطبيعي أن يقدم السيد “جعفر” استقالته لرئيس الجمهورية، ما دام أنه وصل إلى قناعة تامة بأنه لا يستطيع أداء (الحد الأدنى) من واجبات والتزامات هذه الوظيفة السيادية المهمة.
{ أنا شخصياً غير مقتنع بأن (المؤتمر الوطني) وأجهزته وآلياته سعت إلى (تهميش) السيد “جعفر”، لأنني أعلم جيداً أن (إثبات الوجود) في هذه الدولة، وعلى كل المستويات، أصبح (مقالعة)، تماماً كقيادة المركبات في شوارع الخرطوم، لا يحكمها (قانون المرور) ولا يحزنون، بل إن شرطة المرور – نفسها – لا تهتم بتجاوزات من شاكلة سير (البصات) و(الشاحنات) و(الحافلات) يسار الشارع، بينما المفروض أن تلزم المسار الأيمن، أو أن يوقف أحدهم سيارته في وسط الطريق!! هل رأيتم رجل مرور يطارد (شاحنة) أو (بصاً) أو سيارة (ملاكي) يقودها مراهق ينطلق بسرعة (100) كليو متر/ ساعة في كبري شمبات أو جسر المك نمر؟!!
{ في هذه الدولة، لا ينبغي أن ينتظر السيد “جعفر” أن يأتي أحد ليقول له (إنت مسؤول عن هذا الملف، افعل ما ترى.. أفسحنا لك المجال).
{ وهل أفسحوا للعقيد “عبد الرحمن الصادق”؟! إنه (يقالع) وحده، لأن والده (الإمام) يريده أن يقضي (فترة تدريبية) رئاسية، استعداداً للمستقبل.
{ ولا أظن أن “عبد الرحمن الصادق” لبى طموحات (الشباب) وحقق آمالهم بأن يكون (ممثلاً) لهم يعبر عن أشواقهم، ويتحدث بلسان جيلهم، لكنه يجتهد، ويبذل مجهوداً، قد لا تُرى ثمراته، ولكن نقدر محاولات الجادة (لإثبات الذات). وقد حدثني شاهد عيان أن “عبد الرحمن الصادق” التقى بالوسيط الأفريقي “أمبيكي” (خمس مرات) خلال فترة مرافقته للرئيس “البشير” في ” أديس أبابا” على هامش المفاوضات الأخيرة، فهل رتب وفد الحكومة المفاوض بقيادة “إدريس عبد القادر” لنجل الإمام هذه المقابلات؟! بالتأكيد (لا)، لأن كل مسؤول يريد أن يثبت (ذاته) وعلى حساب الآخرين.. ولو على حساب البلد!!
{ إنني أرجو – وقد كنت أحد الذين دفعوا بالرأي لمشاركة الحزب (الاتحادي الأصل) في هذه الحكومة – أن يتخذ السيد “محمد عثمان الميرغني” قراراً شجاعاً بتقديم (مرشح) آخر لمنصب (مساعد الرئيس) من بين القيادات الكبيرة والمهمة في حزب قادة الاستقلال.. حزب (الأزهري الزعيم) والحسيب الأكبر السيد “علي الميرغني” رحمهما الله.
{ وبالأمس سحب الرئيس “أوباما” ترشيح “سوزان رايس” لمنصب وزير الخارجية في التشكيلة الجديدة – وخيراً فعل – بل هي التي بادرت بالموافقة على سحب ترشيحها بعد أن تأكدت من وجود (معارضة) قوية داخل (الكونغرس) لفكرة توليها الوزارة، فلماذا لا يقدم (مولانا) علي هذه الخطوة، خاصة وأن اختيار السيد “جعفر” لمقعد (المساعد) قد تم على عجلة، بعد رفض السيد “محمد الحسن” تولي الوظيفة لاعتبارات خاصة به.
{ ودام الوطن (حاضراً) في دفاتر الجميع.
صحيفة المجهر السياسي