الهندي عز الدين : تعاطيت (6) عبوات وكورسات من الأقراص والكبسولات، فضلاً عن (راجمات) الملاريا (التسع)

انتشرت خلال الأسابيع الأخيرة التهابات (فيروسية) حادة وسط أعمار مختلفة من المواطنين في “الخرطوم” والولايات، وقد تسببت هذه (الإصابات) في حدوث (وفيّات)، خاصة بين الأطفال (جبرَ الله كسر زميلنا الأستاذ “أحمد عبد الوهاب”، نائب رئيس تحرير “ألوان”، الذي فقد صغيرته بنت العامين ونصف العام عندما انتقلت إلى الرفيق الأعلى رابع أيام العيد.. جعلها الله شفيعة لوالديها في الجنة).
{ وأطفال آخرون كُثر رحلوا عن دنيانا من على أسرّة ونقالات المستشفيات الحكومية والخاصة، بينما الأطباء ما زالوا يتعاملون مع هذا (الفيروس) القاتل بعدم معرفة، ولا مبالاة، وتشخيصات لا تتجاوز مربع (ملاريا – تيفويد – انفلونزا)!!
{ الأخطر أن انتشار هذا (الفيروس) الغريب صادف موسم الحج، فصارت العبارة المعتادة التي تلوكها الألسن في مجتمعنا البسيط، عاملاً إضافياً للتقليل من شأن الخطر الماثل: (يا أخي دي ما نزلة الحجّاج.. كم يوم وبتروح)!!
{ قلت لأحدهم: (إصابتي كانت خلال أيام العيد، وقبل عودة الحجاج للبلاد).. فلم ييأس.. وقال ضاحكاً: (خلاص.. تكون نزلة عُمرة)!!
{ غالبيّة (المضادات الحيويّة) لا تنفع ولا تشفع، ولا تجدي في علاج أو تخفيف أعراض هذه الالتهابات المميتة، فخلال فترة وعكتي الأخيرة التي امتدت إلى نحو (شهر)، تعاطيت (6) عبوات وكورسات من الأقراص والكبسولات، فضلاً عن (راجمات) الملاريا (التسع). وكنتُ كلما (بلعتُ) قرصاً زادت (الحمى) واستقرت في رأسي وصدري، فيتحولان فجأة إلى (صفيح ساخن)، بينما ترتجف أوصالي من شدة (البرد) في ذات الوقت!! ولا يحدث هذا إلاّ بعد التاسعة ليلاً، لتبلغ ذروة المرض عند العاشرة تماماً.. متزامنة مع نشرة أخبار تلفزيون السودان!!
{ الأعراض تشبه الملاريا، ويصدق عليها قول “المتنبئ”: (وزائرتي كأن بها حياء.. فليس تزور إلاّ في الظلام). لكنها ليست “ملاريا”.. قد تكون (بت عمها)..!!
{ العلاج الأخير الذي كان فاعلاً عبارة عن (4) حقن من نوع (Samixon) (ساميكسون)، فبعد الحقنة (الرابعة) بدأت (الحمى) التي (عسكرت) لثلاثة أسابيع، في (سحب) قواتها خارج منطقة جسد العبد لله الفقير، بعد أن تركت آثارها وأبرزها (سعال) جاف وعنيف.
{ خرجتُ من هذه التجربة، وبعد مقابلة عدد من (كبار) الأطباء، بأنه لا بد من أن تدعو وزارات الصحة الاتحادية، والولائية، إلى (ورشة عمل) عاجلة في مثل هذه الحالات، حتى ولم يبلغ المرض مرحلة (الوباء)، يتداعى إليها الأطباء الاختصاصيون لوضع (وصفات) أو (روشتات) محددة، عبر (برتوكول علاجي) لإرشاد الأطباء في المستشفيات والعيادات إلى الطريق (السريع) و(الصحيح) لتشخيص المرض، وتوحيد (الروشتة).
{ الآن.. يموت الناس في الولايات وفي “الخرطوم” أيضاً، لأن بعض (الأطباء) يهدرون زمناً غالياً من (حياة) المريض في البحث ناحية الاتجاهات التقليدية المعروفة (ملاريا.. تيفويد.. إلخ)!!
{ هذا الفيروس (قاتل)، ولا تنفع معه كبسولات (أموكلان)، ولا (زوماكس)، ولا (سيفكس)، ولا (سبروفلاكساسين) ولا (تتراسايكلين)، ولا غيرها من المضادات المشابهة.
{ وهو ليست (نزلة حجاج).. ولا (عُمرة)!! كما أن المضادات (باهظة الثمن) من نوع (ساميكسون) ليست في متناول أيدي الملايين من فقراء بلادي، وهي ليست متوفرة بأقسام الطوارئ ومستشفيات الأطفال، مما يعرضهم لخطر (الموت) بين مطرقة الإهمال والتشخيص الخاطئ، وسندان الفقر والعوز.
{ إذا لم تتحرك وزارات الصحة في مثل هذه الحالات (الاستثنائية)، وتصدر نشرات (طارئة) تحوي (برتوكولاً علاجياً) لمثل هذه الحالات، فإننا – بالتأكيد – سنفقد أرواح العشرات، بل المئات من المواطنين، دون أن تشعر بهم الحكومة، لأنهم يموتون (فرادى)، وبصمت، ليس في حادث تصادم (بص) مع (لوري) في شارع “مدني” أو طريق (التحدي)!!
{ الروشتة أعلاه محاولة فردية لإنقاذ حياة شخص (واحد) يرقد الآن في عنبر بمستشفى الخرطوم.. أو “القطينة”.. أو آخر يتكوم تحت (بطانية) في غرفة باردة بأطراف “مروي” أو “كسلا” أو “المناقل”.
{ متعكم الله جميعاً بالصحة والعافية.
صحيفة المجهر السياسي
Exit mobile version