الحركة الاتحادية ..تحالف الغاضبين
في تلاحق لحركة المتسارعين من التيار الاتحادي تجاه الجبهة الثورية جاءت زيارة وفد يمثل الحركة الاتحادية – تيارات اتحادية غاضبة على قيادتها تضم رئيس تيار الإصلاح بالحزب الاتحادي المسجل الشريف صديق الهندي وتياراً من الرافضين مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة يتزعمهم القيادي د.أبو الحسن فرح وعدداً من القيادات الشابةـ حط الوفد بأقدامه في العاصمة كمبالا حيث عقد عدة اجتماعات مع قيادات تحالف كاودا بقيادة الفريق مالك عقار وتوصل الطرفان في آخر المطاف إلى توقيع مذكرة تفاهم قال د.أبو الحسن فرح إنها ستعرض للقوى السياسية للاتفاق عليها خاصة و أن المذكرة نصت على أن يقوم وفد الحركة الاتحادية بنقل رسالة الجبهة الثورية لتوحيد العمل المعارض لقوى الإجماع الوطني، وبقية القوى السياسية، كما نصت على شرط وضمانة تغيير النظام “الذي يتطلب اتفاق على برنامج سياسي بديل بين قوى المعارضة”.
وأضاف أبو الحسن في حديث لـ(السوداني) أن الأمر جرى في إطار مذكرة التفاهم فقط مشيراً إلى أنهم تحدثوا مع قيادات الحركات بضرورة إيقاف الحرب وبناء السلام لأن الديمقراطية لايمكن أن تبنى مع الحرب بالإضافة لضرورة تبني خيار الحل السياسي السلمي لمشكلات البلاد. وحول الهجرة والتقارب بين الفصائل الاتحادية والجبهة الثورية مؤخراً نفى أبو الحسن وجود هجرة مشيراً إلى أن كل الفصائل الاتحادية لديها تنظيمات متمسكة بها وأن ما قام به السيد محمد عثمان تاج السر في انضمامه للجبهة الثورية يعد أمراً فردياً.
وأضاف أن الحركة الشعبية قطاع الشمال والجبهة الثورية أبلغتا الوفد بأن حل منطقتي النزاع في النيل الأزرق وجنوب كردفان، لن يحل مشكلات السودان، ورفض أن يكون الوفد وسيطاً بين الحكومة والجبهة الثورية قائلاً “نحن لسنا وسطاء بل أصلاً مع الجبهة الثورية”، وتابع أن الاتفاق يمثل خطوة لضمان توحيد القوى السياسية الداخلية والخارجية.
واتفق الطرفان على تعزيز الاتصالات التي أجرتها القوى السياسية المعارضة الراغبة في إحداث التغيير الشامل، بجانب العمل على عقد اجتماع عاجل وشامل لكافة أطراف العمل المعارض.
تاج السر ..الختمي المتمرد
آخرهم في الانضمام لركب تحالف كاودا المشرف السياسي السابق للحزب الاتحادي الأصل بولاية البحر الأحمر السيد محمد عثمان تاج السر محمد سر الختم الميرغني وهو ابن أخ مولانا محمد عثمان الميرغني، ويعتبر من أميز القيادات الشابة في الحزب والطريقة الختمية خاصة وأنه من الدرجة الأولى في الانتماء للأسرة الميرغنية إلا أنه عند البحث وراء هذا الانضمام وبهذا الشكل المفاجئ تخرج القصة التي تقول إن خلافات كبيرة نشبت بينه وقيادات في الحزب بولاية البحر الأحمر بخصوص الشخصيات التي يمكن أن تتقلد مناصب في حكومة الولاية عقب مشاركة حزبه في الحكومة وتطور الأمر لدرجة وصول الخلاف مع شخصيات في المركز كانت ترتب أمر المشاركة في الحكومة وبعد هذه الخلافات تحول الموقف السياسي لمحمد عثمان إلى التيار الرافض للمشاركة في الحكومة وبعد ذلك تطورالأمر لانقسام في الحزب على مستوى الولاية ليتدخل بعدها مولانا الميرغني الذي قام بعزله إلا أن الأخير رفض القرار وتمسك بموقفه وبعدها غادر البلاد صوب القاهرة ليتفاجأ الكل في الأيام الماضية بظهوره على تسجيل فيديو من العاصمة اليوغندية كمبالا يعلن انضمامه للجبهة الثورية موجها انتقادات لحزبه.
تسربت الأخبار بأن القيادي الاتحادي والمنضم للجبهة الثورية التوم هجو قد قاد عملية إقناع تاج السر عبر حوار عميق انتهت إلى دعوته للقدوم لكمبالا وإعلانه الانضمام خاصة وأن هجو تربطه علاقة عميقة مع الرجل.
صديق الهندي ..التحصن بكاودا
من الذين تسربوا مؤخراً صوب الجبهة الثورية القيادي بالحزب الاتحادي المسجل الشريف صديق الهندي حيث عرف خلال الفترة الأخيرة بتزعم تيار الممانعة أو الإصلاح داخل حزبه الذي عاد به الشريف زين العابدين ضمن مبادرة التصالح مع النظام إلا أن الرمال تحركت داخل الحزب حيث استطاع جلال الدقير محاصرته باستفراده بالتقرب من النظام والتهام “كيكة المشاركة” في السلطة لوحده واتجه الهندي إلى تبني آراء معارضة للدقير وتقاربه مع المؤتمر الوطني.. وأصبح جزءاً من قوى الإجماع الوطني المعارض رافعاً شعار إسقاط النظام معهم ويرى البعض أن ذهاب الهندي إلى كمبالا وتوقيعه لمذكرة التفاهم مع تحالف كاودا من أجل تحقيق مكاسب سياسية وكأنه يقول “أنا هنا” خاصة وأن معركته مع الدقير دخلت في مرحلة التجميد خاصة بعد اتخاذ الهندي قرار انشقاق غير معلن عبر عزله في وقت سابق للدقير وقال إن أجهزة الحزب التنظيمية بكل المستويات أصبحت فاقدة للشرعية لانتهاء أجلها طبقاً لدستور الحزب وكلف التيار قيادة انتقالية لإدارة شؤون الحزب والإشراف على المؤتمر العام وقد يريد الهندي بهذا التوقيع العودة مجدداً للأضواء.
التوم هجو ..أول المنضمين
أما التوم هجو الذي كان يعمل مستشاراً لوالي النيل الأزرق مالك عقار وبعد انهيار الأوضاع اختار الخروج بصورة درامية لدرجة أن البعض تحدث عن مقتله إلا أنه خرج بمطار الخرطوم ليظهر ثانياً ويعلن انضمامه للجبهة الثورية وباسم الحزب الاتحادي الأصل وبالنظر لسيرة التوم هجو نجده يتمتع بعضوية المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وينظر إليه على أنه من أقرب القيادات إلى رئيس الحزب الاتحادي ، وكان هجو من أبرز القيادات التي رافقت الميرغني إبان مواجهته للحكومة في الخرطوم عبر التجمع الوطني المعارض، كما أنه مثل الحزب في المفاوضات التي تمت بين التجمع والحكومة وانتهت بتوقيع اتفاق القاهرة الذي طالب رئيس التجمع أكثر من مرة المؤتمر الوطني بتنفيذه. وخرج التوم هجو عن الحزب الاتحادي قبل أعوام،ثم عاد إليه في أثناء الانتخابات العامة الأخيرة ، ليترشح باسم الاتحادي الأصل في منصب الوالي بولاية سنار.
ويحظى هجو بعلاقة جيدة وقوية بالحركة الشعبية منذ أيام التجمع الوطني الديمقراطي وأنه كان يطالب بخلق علاقة قوية واستراتيجية بينها والاتحادي الأصل منذ أيام المهجر في سنوات الإنقاذ الأولى وكان قد أعلن وقوف حزبه في انتخابات جنوب كردفان مع مرشح الحركة الشعبية لمنصب الوالي عبدالعزيز الحلو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في صفوف الاتحاديين.
وعلى حسب سيرته الذاتية فهو التوم الشيخ موسى هجو، من بيت اليعقوباب ، ولد بسنار العمارة، السجادة السمانية، درس الثانوية العامة بمدرسة سنار الثانوية ثم قبل بجامعة الخرطوم كلية العلوم ثم ذهب مع الهندي فى العام 1964 وهو طالب بالمرحلة الثانوية إلى ليبيا (معسكرات حركة الجبهة الوطنية) ودرس الهندسة ببغداد ،ومتزوج وله خمسة من الأبناء، وكان لديه مركز تجاري في أمريكا ولكنه تخلى عنه لصالح العمل السياسي الذي كان فيه ممثل للحزب الاتحادي في الهيئة القيادية للتجمع الوطني.
والتوم هجو سجل اسمه «رسمياً» في تاريخ السودان في أكتوبر 1978م، وهو التاريخ الذي وصل فيه إلى أرض المعسكرات بالجماهيرية الليبية، والتقى الشريف حسين، ووضع يده فوق يده، وانخرط في معسكرات الجبهة الوطنية لإسقاط نظام مايو ومن الوهلة الأولى كان قائداً لمعسكر، وظل من قادة المعسكرات في أثيوبيا وليبيا، الذين يشار إليهم بالبنان، حتى السادس من إبريل 1985م، وإعلان سقوط نظام نميري رسمياً.
حسنين …الغاضب الأكبر
أما نائب رئيس الحزب الاتحادي الأصل علي محمود حسنين الذي يعتبر من أكبر الغاضبين على الوضع داخل حزبه والبلاد كان من أول الداعين للخروج والمساهمة في ترتيبات توحد الحركات المسلحة ضمن تحالف كاودا وكان مصراً طوال الفترة الماضية على المشاركة في الأنشطة السياسية المعارضة باسم الاتحادي الأصل على الرغم من أن حزبه الذي يأكل الآن من “كيكة” السلطة يعالجها ببيانات تنفي وأحياناً يلزم الصمت وهو يعد من أول المتسربين للجبهة الثورية من التيار الاتحادي.
وفي هذا يقول القيادي بالاتحادي الأصل تاج السر محمد في حديث لـ(السوداني) إن تحركات التيارات الاتحادية تجاه الجبهة الثورية تأتي في إطار الحراك السياسي وأن حزبه ملتزم بلوائح الحزب وقوانينه وأنه الآن مشارك في الحكومة الحالية ومنذ توقيع اتفاق القاهرة الحزب ملتزم بها وأضاف “لو أردنا أن تلحق بنا الجبهة الثورية لفعلنا” مشيراً إلى أن محمد عثمان تاج السر الميرغني لم يعد مشرفاً سياسياً للحزب وهو حر في اختياراته.
الميرغني .. والنظر في الاتجاهات الستة
ويقال إن السنين قد أكسبت رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومرشد الطريقة الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني حكمة لم يستطع أن يخفيها حين قال إنه في العمل السياسي “ينظر في الاتجاهات الستة” وفي هذا يذهب المحلل السياسي والمقرب من الدوائر الاتحادية عبد العظيم رجب إلى القول أن أغلب الخارجين خاصة من الاتحادي الأصل غاضبين على سياسيات الحزب الداخلية خاصة المشاركة في الحكومة والموقف السياسي في التعامل معها في مرحلة ماقبل المشاركة إلا إنه اعتبر أن خطوة عدم فصل القياديين “علي محمود حسنين والتوم هجوم” إلى الآن أمر يأتي في إطار أن الميرغني دائماً يحب أن يمارس سياسية “الأذرع الأخطبوطية” حيث يعتبر أن من المفيد للحزب أن يكون له تيار في المعارضة وجزء مشارك وجزء آخر حتى من ضمن حملة السلاح خاصة وأن تحالف كاودا استطاع أن يضم القيادي بحزب الأمة نصر الدين الهادي المهدي وقد يكون انضمام محمد تاج السر الميرغني خطوة لموازنة الوجود الأنصاري بوجود من طائفة الختمية مشيراً إلى أن الميرغني يريد في نهاية المطاف أن “يحجز مقعده” في كافة الظروف. [/JUSTIFY]
السوداني – تقرير: خالد أحمد