بورصة الحيوانات في سوق ليبيا.. علينا جاي!!

[JUSTIFY]هذه جولة داخل سوق ليبيا في الجزء المخصَّص لبيع الدواب والمواشي والطيور وبعض الحيوانات، قمنا بها للكشف عن بعض غرائبها في الأسعار وكيفية العيش والحياة.
الخيل والبغال والحمير زينة وتفاخر:
بدأت الجولة من سوق الخيل والحمير، فالتقيت بعمنا الطيب محمد علي، وأول ما يجذبك إليه عمامته التي وُضعت على غير ما ترتيب وعصاه التي يتوكأ عليها حاملة معه همّ سنين عجاف من الشقاء، وعيناه المتقدتان تشيران إلى فراسة ودهاء، بجانب شاربه الكث الذي اختلط بذقنه المرسل الذي يكاد يلامس صدره، وفوق ذلك يبدو أن الطيب هذا كبيرهم لأنه الوحيد الذي رأيته جالساً على كرسي والبقية حوله في احترام يتبادلون الحديث والمُلح، وبعد أن ألقيت عليه تحية الإسلام وردّها بأحسن منها زاد في طيبة سودانية قائلاً: «حبابك عشرة يا ولدي اتفضل اقعد جاي»، وأفسح لي مكاناً بجانبه لأجلس، فسألته: منذ متى وأنت في هذا السوق، فأجاب: والله من زمن بعيد، كأنه يستحي من أن يذكر العام، ثم بدأ الحديث عن أنواع الحمير، مبيناً أن أجودها الحمار الوارد من شمال السودان ثم بقية الأنواع التي تأتي من بقاع مختلفة، وأن سعر حمار شمال السودان «دنقلا» يبلغ «9» ملايين جنيه، ويبلغ سعر حمار ولاية الجزيرة سبعة آلاف جنيه مقارنة مع حمير شمال السودان الأصيلة، وأسباب ارتفاع أسعار الحمير اقتصادية وأمنية تتعلق بسلامة الإنسان وحياته خاصة الحرب في غرب البلاد السوق الجيدة للبيع هناك، فقد كان لآخر حرب أثر بالغ في ارتفاع الأسعار وتفاوتها، قاطعته: ماهي أنواع الحمير؟ ابتسم قبل أن يجيب: كثيرة، منها حمار الشمالية الذي نعرف أصله ونسله وجودته، ثم حمار وسط السودان والذي يقل مرتبة عن البقية لأنه يعاني من بعض الأمراض التي تعجل بموته ثم «الديداوي»، وزاد قبل أن يختتم حديثه لي: حمار الشمالية الأكثر استخدامًا في غرب السودان وهو حمار حُر وقلبه حار، وربما مغرور بعض الشيء لأنه لا يسمح لأحد بركوبه غير صاحبه، وفيه ميزات كثيرة في ضروب الحياة كما أن هناك الحمار «المكادي» القادم من الحبشة أو الهضبة الإثيوبية، وهذا ربما بدأ في الانقراض رغم وجوده في أماكن معينة. أما الخيل فهذه مملكة قائمة بذاتها، فيبدو أن حب السودانيين لها خاص جدًا لأن درجة إكرامهم لها بلغت التفاخر بها نسبًا ونسلاً أبًا وجدًا، وقد انحصرت في بعض الأسر الشهيرة في البلاد، وقد تنتمي هذه الأسر إلى ملوك وسلاطين ومكوك وأرباب عشائر استنوا ذلك من أهلهم، لكن الغريب أن معظم الخيول الآن مولّدة وليست بالعربية الأصيلة، هذا ما جاء على لسان أحد المُلاك، وتبلغ أسعارها خمسة عشر مليونًا وانحصر وجودها الآن في التربية فقط، والمنافسات في سباقات الخيل، وله طقوس يعرفها من يسعونها، وأضاف: الخيل تحتاج إلى تعامل خاص جدًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيها «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة»، من هنا جاء الاهتمام من سُيّاسها ومُلاكها، وعن أنواعها قال: الخيول العربية القادمة من بادية العرب هي الأجود، وبعدها تأتي خيول أخرى من أوروبا وإسبانيا وغيرها من البقاع، ولكنه أمَّن في ختام حديثه على أنها مولَّدة وليست أصيلة نسبًا ونشأة، ثم أشار إلى أن هناك قبائل عربية مازالت تستخدمها في حياتها اليومية حتى في الحرب وتنشد الشعر فيها وتتغزل. أما البغال فنادرًا ما توجد في البلاد لأنها تحتاج إلى طقس خاص وحياة خاصة فهى غير واسعة الانتشار ووجودها محدود في السودان وأسعارها لا تتجاوز الثلاثة ملايين.
طيور الزينة وعزة الضفدع!!

حزمت أوراقي وتوجهت بعدها إلى سوق الطيور.. المكان صاخب.. أصوات الدجاج والبط وعصافير الزينة تعزف مقطوعة رائعة التأليف، رائعة رغم الأصوات النشاز التي تتسلل إلى مسمعك بعض الأحيان، وما لفت انتباهي في السوق وجود طيور وعصافير زينة بطبعها ومناخها نادرة الحياة من بينها الببغاوات بأنواعها وهي الأكثر وجودًا ورواجًا توجهت لأحدهم فسألته من أين تأتي بها فأجاب بعفوية: من خارج السودان وبالعملة الصعبة، فبادرته بالسؤال عن أسعارها، فأجاب بعد أن رمقني بنظرة فاحصة: تتراوح بين المليون إلى مائة وخمسين «للجوز»، مشيرًا إلى أن طيور الزينة لها محبون ورواد وهناك من يطلبون أنواعًا بعينها، وأكثرها أيضًا البط والوز والحمام الزاجل الذي يقتنيه البعض في المنازل.
أما الغريب في الجولة هذه فإن هناك تجارة أصبحت رائجة وهي تجارة الضفادع والأرانب إذ تستخدمها كليات الطب والأحياء في توصيل الفهم للطلاب عبر تدريس أجزائها بعد عملية التشريح والتعرف عن قرب، وذكر أحد الذين يبيعون الضفادع والأرانب أن سعر الأرنب تجاوز «150» جنيهًا «للجوز»، كما أن سعر الضفدع ارتفع إلى عشرين وخمسين جنيهًا، مع العلم أن سعرهما لم يتعدَّ ألفين وخمسة جنيهات في أعوام سابقة حسب قوله.
واختتمتُ جولتي داخل سوق لييبا غرب أم درمان بزيارة لمكان قصي يجلس فيه أحدهم مع بعض السلاحف «أبو القدح» وهذه يروج سوقها واستخدامها للزينة واقتنائها في بعض البيوت السودانية، فسألتُ صاحبها عنها وعن بيعها فأجاب بأن سوقها أصبح كاسدًا بعض الشيء، ولكنه أوضح أن السبب في كسادها هو ندرتها وصعوبة اصطيادها من البحر بجانب أنها لا تعيش كثيرًا بعيدًا عن البحر وسعرها تجاوز المائة وخمسين ألف جنيه وربما ثلاثة آلاف جنيه.

[/JUSTIFY]

الانتباهة

Exit mobile version