الهندي عز الدين : نزيف (الدكاترة) .. يا “علي عثمان”

حطت (لجنة) جديدة من الشقيقة المملكة العربية السعودية عبر إحدى وكالات السفر والسياحة، للتعاقد مع عشرات، بل ربما مئات الأطباء (الاختصاصيين) و(الاستشاريين).. واللجنة تباشر أعمالها في الخرطوم وسط تجاهل تام، وعدم اكتراث غريب من السادة وزير الصحة الاتحادي – الذي لا حول له ولا قوة – ووالي الخرطوم.. ووزير الصحة بولايته، والأخيران يتمتعان بقوة كافية لوقف هذا النزيف، إذا بدّلا السياسة الطاردة والمنفرة.
{ سيدي النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه”.. أخاطبك وأعلم أن البلد – كلها – مشغولة بمخرجات قمة (البشير – سلفاكير)، ولكن هذا الأمر لا يقل أهمية، ولا حساسية، ولا خطراً على صحة المواطن السوداني المسكين.
{ أخاطبك – مباشرة – لأنني أعلم أن وزارتي الصحة الاتحادية والولائية هما أس الأزمة وأساس البلاء، فهل تعلم – سيدي – أن نحو (15) (إدارياً) من كبار الدكاترة في وزارة الصحة بالخرطوم ومستشفياتها الكبرى قد غادروا مواقعهم، إما بالاستقالة، أو استعداداً للسفر للسعودية؟!
{ هل تعلم – سيدي – أن مدير إدارة المعامل، ومدير إدارة المنظمات، ومدير إدارة المستشفيات، ومدير قسم القلب بمستشفى أحمد قاسم، ومديرة قسم الكلى بأحمد قاسم، ومديرة قسم الطوارئ بمستشفى الخرطوم، ومدير مركز التدريب المستمر، ومدير التغطية الشاملة، ومديرة قسم التخدير بمستشفى الخرطوم، وآخرين، قد فارقوا الوزارة إما إلى السعودية أو إلى القطاع الخاص؟!
{ هل تعلم سيدي النائب بأن الاختصاصية (الوحيدة) في تخدير الأطفال بمستشفى الخرطوم – وهذا تخصص نادر جداً – تحزم حقائبها الآن باتجاه المملكة؟
{ من المؤكد أنك لا تعلم – سيدي – أن رئيسة القسم والمتخصصة (النادرة) في نقل وزارعة الكلى بمستشفى أحمد قاسم وهو من أكبر مستشفيات السودان في تخصصي الكلى والقلب – قد أخلت موقعها المهم جداً للمجهول!!
{ هؤلاء الإداريون (الدكاترة)، هم كما وصفهم أحد الأطباء يمثلون (ذاكرة القطاع الصحي)، وقد كان مرهقاً، ومكلفاً، وعسيراً تأهيل هذا النفر الكريم لهذه المهام، بعد سنوات طويلة، فمتى يبلغ آخرون هذا المقام، وبعد كم من الأعوام؟!
{ الأخطر أن وزارة الصحة الاتحادية ابتعثت قبل نحو (4) سنوات (520) نائب اختصاصي إلى جمهورية مصر العربية للتخصص في أقسام تعاني مستشفياتنا من قلة الاختصاصيين فيها، مثل جراحة المخ والأعصاب، والتخدير، وقد أكمل – الآن – (الخمسمائة وعشرون) اختصاصياً فترة التخصص، وبدأوا في العودة بالعشرات إلى السودان، ولكن ماذا يفعلون، وأين يعملون إذا كانت الوزارتان الاتحادية والولائية تعتذر لهم بأنه (لا توجد فرص عمل)!! وفي اليوم التالي من عودتهم يتعاقدون مع المستشفيات (السعودية) بعد دفع (الغرامة) لوزارة الصحة (المبسوطة جداً) من تحصيل الغرامة!!
{ هل تعلمون – سادتي – كم أنفقت الدولة من (دولارات) الشعب السوداني على تدريب هؤلاء الأطباء؟! هل يعلم البروفيسور “مأمون حميدة”.. وهل يعلم الدكتور “عبد الرحمن الخضر” والي الخرطوم؟!
{ بالتأكيد لا يعلمان..!! لسبب بسيط أنهما لم يكونا مسؤولين عن هذا (القطاع) قبل (4) سنوات.
{ كانت الدولة تدفع (300) ألف دولار.. (ثلاثمائة ألف دولار) شهرياً، ولمدة (4) سنوات.. مقابل تخصص الـ (520) طبيباً!!
{ لا يمكنكم أن تصدقوا أن (السودان) الفقير صار (يدفع) للتدريب، لصالح (السعودية) بسبب سياسات وزارة الصحة!
{ والبروفيسور “مأمون حميدة” يزعم أن لدينا (فائضاً) من الدكاترة!! على أي أساس أطلقت سيدي – هذا الزعم؟!
{ تقول منظمة الصحة العالمية (W.H.O) إن القاعدة الأساسية لتوزيع الأطباء في أي بلد، أن يكون (160) طبيباً (مئة وستون) مقابل (100) ألف مواطن (مئة ألف).
{ في ولاية الخرطوم – مثلاً – وهي التي تعاني من (تخمة الأطباء)، فإن (45) طبيباً فقط يقابلون (100) ألف مواطن..!! أي حوالي (ربع) العدد المطلوب وفق مواصفات الصحة العالمية.
{ دعك من عدد الأطباء في “كريمة”، و”حلفا القديمة”، “الفاشر”، “أم كدادة”، “الدلنج”، و(غرب المناقل)، و”النهود”، و”رهيد البردي”، و”غزالة جاوزت”!!
{ إن انتاج (عام) كامل في مجلس التخصصات الطبية لتخريج اختصاصيين، وهو عبارة عن (مئة) اختصاصي، يغادرون إلى السعودية في (شهر) واحد!!
{ سيدي النائب الأول: ألحقوا (الدكاترة).. ألحقوا (ملايين) الدولارات التي أهدرت في التخصصات، ألحقوا كوادرنا الطبية العزيزة التي تغادر البلاد و – غالباً – ليس بسبب (المال)، فكبار الأطباء – تحديداً – لا يحتاجون إلى المزيد من المدخرات، لكنهم في حاجة إلى استقرار، كيف يستقرون و”الخضر” و”مأمون” يهددان كل يوم (بهدم) مستشفى الخرطوم و(إخلاء) شارع الدكاترة؟!!

صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version