مجرد الحظ جمع كوجان ببعض النساء، اللواتى أُلقى بهن فى حريم الزعيم الليبى، ولكن القليل منهن تحدثن عن الوجه الآخر لشخصية القذافى، الذى كان يغتصب النساء ويستعبدهن جنسيا، مثل “ص” الشاهدة الرئيسية فى التحقيق، وبنفس الطريقة كان يجبر بعض وزرائه على ممارسة علاقات جنسية معه، للإبقاء عليهم، بمحض نوع من المساومة.
على حد وصف كوجان- تساءلت الصحفية الفرنسية عن مصير هؤلاء النساء فى ليبيا الجديد، وهل سيعترف بهن المجتمع الليبى، بعد ثورتهم على القذافى، ويقدر معاناتهن؟؟!.
فى غرف صغيرة بالطوابق السفلية لإقامته الشخصية، كان للقذافى جمع من الحريم المستعبدات، اللواتى عليهن الذهاب إليه بلباس داخلى فى أى وقت من اليوم، ينادى إليهن بالليل أو النهار، ليتعرضن للضرب والاغتصاب بعد أن يمررن بأبشع الإهانات الجنسية.
وكان الاغتصاب بالنسبة للقذافى بمثابة سلاح من أسلحة السلطة، ورغم أن الأمر يصعب تصوره، إلا أن هذا كان يحدث فعلا للسيطرة على الغير، السيطرة على النساء طبعا، لأنها كانت الأسهل، ولكن الرجال كذلك، لأنها كانت تمر عبر امتلاك زوجاتهم وبناتهم.
وكان القذافى بنفس الطريقة يجبر بعض وزرائه على ممارسة علاقات جنسية معه، للإبقاء عليهم بمحض نوع من المساومة.
واستعمل القذافى أحيانا نفس الوسيلة، لإرضاخ بعض القادة القبليين، وبعض الدبلوماسيين والعسكريين، كما مارس القذافى الذى كان يحلم بأن يصبح ملك ملوك أفريقيا، الجنس مع عديد من نساء و بنات رؤساء دول أفريقية، لكن بموافقتهن وبعد إغرائهن بحقائب مليئة بالأموال والجواهر الثمينة، وبذلك كان يشعر بأنه يسيطر على أفريقيا أو بعض بلدانها-كذلك تصف كوجان.
وكان من ضمن الشهادات التى حصلت عليها الصحفية الفرنسية، أن القذافى كان يغادر ليبيا برفقة جزء من الحريم وخاصة مع امرأة تدعى مبروكة ش، التى لم تكن تفارقه أبدا، وكانت هذه المرأة مكلفة بتوفير النساء وفى بعض الأحيان الرجال كذلك.
وكانت من مهامها الرئيسية فى باريس، مثلا أن تجلب بناتا ونساءً، لنقلهن إلى ليبيا، فكانت لهذا الغرض تنزل فى فندق فخم بالشانزلزيه.
وتتابع: قال لى دبلوماسى فرنسى كبير وقتها إنها “تتسوق”، ولم يكن ذلك ممكنا دون شركاء فى سفارة ليبيا، وهو ما يعنى أن السلطات الفرنسية كانت تعلم بذلك، خاصة وأن الغربيين لم يكونوا عن جهل بعاداته البربرية، لكنها كانت حتما لا تعلم كل شىء، لأن أغلب الناس كانوا يجهلون درجة العنف، الذى كان يسلطه القذافى على ضحاياه.
وفى كتاب “فرائس فى حريم القذافى”، تقول “صوريا” وهى الشاهدة الرئيسية فى التحقيق “أرغب فى أن أبنى حياتى فى ليبيا الجديدة.. وأتساءل: إن كان ذلك ممكنا..فما الوضعية الحالية لنساء القذافى؟ وهل ليبيا الجديدة مستعدة للاعتراف بمعاناتهن؟
ترى كوجان، أن الأمور صعبة للغاية فى الوقت الحاضر بالنسبة لـ”صوريا”، فهى تعيش فى الخفاء، ولا تتجرأ على الخروج فى وضح النهار، كما أنها قطعت كل علاقة مع عائلتها التى تستحى منها، ويرغب أهلها فى أن تختفى، ولو بقتلها، حفاظا على شرف العائلة.
فالكثير يريد إلقاء الذنب على هؤلاء النسوة اللواتى صرن يخشين على حياتهن من الموالين للقذافى، الذين لا يزالون يملكون نفوذا والذين يريدون منعهن من الإدلاء بشهاداتهن.
كما يخشين كذلك من المتشددين دينيا والثوار الراديكاليين، فهن بالنسبة إليهن شركاء أو شريكات نظام القذافى، لا ضحاياه، فهؤلاء النسوة أمضين فترة من عمرهن فى دائرة القذافى، هن ضحاياه لأنهن لم يخترن الوقوع فى فخه، ولم يخترن الاغتصاب والحبس، فهن يختبئن اليوم، ويعشن فى رعب من أن تنكشف يوما أسرارهن الأليمة.
تقول كوجان، إن للحظ دورا كبيرا فى مقابلة تلك النساء، لأن القليل منهن تحدثن عن القضية، فصوريا كانت لديها الشجاعة لكشف أسرارها، ووجدت أخريات الشجاعة لكنهن تكلمن أقل منها وفضلن التحفظ على هوياتهن، وكانت هؤلاء النساء تحلمن بأن يحاكم القذافى يوما على جرائمه، ويمثل أمام محكمة دولية، وأن تتمكن من طرح أسئلتهن “لماذا اغتصبتنى وأهنتنى؟ لماذا سرقت منى عذريتى وشبابى؟”
وتلفت كوجان إلى أن هذا النوع من التحقيقات، لابد الاهتمام به حتى تكون فى يوم ما هناك إمكانية لمعاقبة المدنيين وشركائهم.
[/JUSTIFY]اليوم السابع