إذن.. هذا هو مشهد العلاقة بين اديس ابابا وجوبا عشية وفاة رجل اثيوبيا القوي ملس زناوي وما تلته من أيام.. فأين الخرطوم..؟ العنوان العريض يمكن أن يكون غيابا شبه كامل عن المشهد الحزين الذي لف العاصمة الإثيوبية طوال الأيام الماضية.. حتى سفارة السودان بدت شبه خالية.. فجل الدبلوماسيين فى إجازة وعلى رأسهم سعادة السفير.. الذي استكثر قطع إجازته بعد الإعلان عن وفاة ملس زناوي.. رغم أهمية العاصمة بالنسبة للسودان.. كيف لا وهي تحتضن مفاوضات مهمة تعلق على نتائجها البلاد آمالا عريضة.. ثم كيف لا والذي مات.. أي ملس زناوي.. كان وحده الممسك بملف السودان بنفسه.. ثم أخيراً.. كيف لا يقطع فخامة السفير إجازته وهو يعلم أن ملس كان آخر الحرس القديم في حكومة اثيوبيا.. أي بمعنى آخر.. آخر الذين تربطهم صلات وطيدة بالسودان.. مما يعني أن جهدا خارقا كان ولايزال في انتظار الخرطوم لتعويض خسارة ملس زناوى إن جاز التعبير..!
ليس هذا فحسب… الواقع أن السودان هو الدولة الوحيدة التي غابت عن أهم اسبوع في إثيوبيا.. فإذا كان الشعب الإثيوبي قد قضى الأسبوع المنصرم في إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل ملس زناوي.. فإن السلك الدبلوماسي في اديس ابابا قد قضى ذاك الأسبوع في التحليل والتشريح والتأويل وتبادل المعلومات والتداول حول مستقبل إثيوبيا.. ولا شك أن كل دولة كانت تبحث عن موقعها في خارطة إثيوبيا الجديدة التي تتشكل الآن في خضم تضاريس لا تقل عمقا وظلمة عن الأخدود العظيم.. وحدنا نحن الغائبون..!
صحيفة السوداني