حكاية مؤلمة وعلينا »العبرة«

حكاية مؤلمة وعلينا »العبرة«
قبل نحو عشرة أيام تم عقد قران المصري ع. ممدوح على و. م. عبدالخالق، وامتلأت بطون المعازيم وانتهت المراسيم، و»اتمخطري يا حلوة يا زينة يا وردة مالية مناخيرنا وعينينا«، وانتقل العروسان الى بيت الزوجية في الإسكندرية، ولم يتصل العريس أو العروس بالأهل هاتفيا في اليوم التالي ليوم الزفاف، ولم يكن في ذلك ما يثير الدهشة او الاستنكار او القلق، فحديثو العهد بالزواج ينشغلون أحدهم بالآخر في الأيام الأولى وينسون أمر الأهل والأصدقاء، ولكن ما أزعج الأهل هو أنهما لم يردا على الاتصالات الواردة إليهما بمناسبة »صباحية مباركة«.. وتحول الانزعاج الى قلق عندما لم يردا على مكالمات »عصرية مباركة«، وتحول القلق الى خوف ووسواس عندما لم يردا على مكالمات »أمسية مباركة« وتحول الوسواس والخوف الى هلع وجزع عندما ذهب الأهل وطرقوا عليهما باب البيت فلم يتلقوا ردا.. كسروا الباب ووجدوهما متمددين على الأرض بلا حراك.. استدعوا الإسعاف وجاء المسعفون وقالوا: عظم الله أجركم، دول ميتين من مدة.
نعم كان ممدوح وعروسه قد ماتا، ولاحظ الأهل وجود عدد من زجاجات الخمر الفارغة بجوار جثتيهما، وعندما تم نقل الجثمانين الى المستشفى أكد الطبيب الشرعي أنهما ماتا نتيجة الإفراط في شرب الخمر.. وليس من شيمتي أن أشمت في شخص حي فما بالك بمن مات، ويحزنني أنه فات الأوان لأتكلم مع ممدوح وعروسه في أمر الخمر.. لنفترض أن كليهما غير مسلم وبالتالي لا نخوض في أمر الحلال والحرام، بل دعونا نتكلم عن شاب وشابة تزوجا عن حب واختليا لأول مرة أحدهما بالآخر في ما يسمى بليلة الدخلة.. هب أن كليهما معتاد على شرب الخمر بالذريعة المعتادة »النعنشة والفرفشة«.. حتى السكرجي نصف العاقل لا يمكن ان يشرب الخمر ويسكر طينة في أول ليلة له مع عروسه (ما لم يكن قرار الزواج صادرا عن جهاز أمن الدولة أو بمرسوم جمهوري.. أي رغم أنفه).. في ليلة الدخلة يكون هم الطرفين أن يتعارفا ويتآلفا ويتآنسا وينصهرا في كيان واحد.. وليس أن يسكرا »طينة«!! لا.. والمصيبة أن تكون العروس نفسها سكرجية محترفة وتفضل الشراب على قضاء ساعات يقظة طويلة مستمتعة بالاختلاء بحبيب القلب.
ما لفت انتباهي في هذه القصة المأساوية هي ان المتوفى الذي حمل لقب زوج لساعات فقط كان طالبا في كلية الآداب وعروسه طالبة في كلية العلوم!! عندما يتزوج شاب وهو لم يكمل تعليمه من البديهي ان نستنتج أن أهله (مبسوطين) وتولوا تكاليف تزويجه وتعهدوا بتحمل نفقات إعاشته وزوجته.. والراحل ممدوح – رحمه الله وغفر ذنوبه هو وزوجته – كان ما يزال طالبا وعمره 25 سنة (وأترك للقارئ قراءة أفكاري ومغزى هذه المعلومات).. ولا تثريب على الوالدين إذا تحملا نفقات زواج ثم مصاريف ولدهما وهو لم يكمل دراسته، فكثيرون يفعلون ذلك ليعصموا عيالهم من الزلل، ولكن الزواج ليس مجرد العثور على طرف آخر وشريك، فهو أخطر وأهم قرار يتخذه المرء في حياته، وللإنسان حياة واحدة وعمر واحد، فإذا كنت تعلم ان ولدك سكرجي مدمن،.. فحرام عليك ان تزوجه وتحطم حياة بنت ناس وكل البنات بنات ناس،.. أما إذا كانت ابنتك مدمنة خمر وأنت لا تعرف بذلك فأنت لست جديرا بالأبوة / الأمومة، وإن كنت لا تعرف أنها كذلك فأنت حمار.
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
Exit mobile version