عودة العنف إلى دارفور

هل هي مرحلة جديدة للعنف في إقليم دارفور أم احتقان يزول بزوال المسبب؟ سؤال طرحه عدد من المراقبين بعد الانفلاتات الأمنية التي وقعت بالإقليم مما أدى إلى قتل مسؤولين ومواطنين على السواء.

ففي وقت اعتقد فيه كثير من المتابعين لشأن دارفور أن شمسا جديدة بدأت تشرق على سماء الإقليم الملبدة بغيوم الحرب منذ أكثر من تسع سنوات، بددت تطورات جديدة الأمل في مستقبل آمن على الأقل في المرحلة القريبة القادمة.

ويبدو أن بعض المنتمين لدارفور رأوا في الهدوء الذي يخيم على الإقليم حالة لا يتوقع لها أن تستمر في وقت تتباين فيه المصالح والأهداف وتتقاطع فيه الرؤى السياسية والجهوية والقبلية.

ولم تسلم معسكرات النزوح هذه المرة من أن تكون ساحة للمواجهة المسلحة كحالة معسكر كساب الذي يضم نحو 40 ألف نازح، مما أدى إلى فرار بعضهم إلى معسكرات أو مدن أخرى.

وتبرر الحكومة ممثلة في سلطتها الإقليمية في دارفور ذلك التطور السلبي بوجود عناصر متمردة تستغل المرحلة الحالية لإثارة الأزمة من جديد.

إمام: ما يحدث بداية تحول
صراع رؤى
ويرى الناشط السياسي حسن إمام أن ظروفا سودانية متعددة بدأت تتشكل لتشمل دارفور ومناطق أخرى لم تكن معنية بالأزمات المتلاحقة من قبل.

ويشير إمام إلى وجود مجموعة سودانية تنادي بعقد مؤتمر دستوري وفاقي بينما تلجأ أخرى للتصعيد المدني في حين اتجهت مجموعة ثالثة لتصعيد العمل العسكري المسلح.

ويتوقع الناشط السياسي أنه ما لم تتوفر رؤية سودانية مشتركة فإن كل مجموعة ستذهب بما تعتقد فيه إلى نهاياته، معتبرا أن دارفور وما يحدث فيها الآن مرشحة لصراع تلك الرؤى.

ويرى أن ما يحدث بدارفور هو بداية مرحلة وتحول جديد لكل السودان ربما يتوافق مع اجتهاد الحكومة أو اجتهاد الحركات المسلحة أو اجتهادات لآخرين، على حد قوله.

ويحذر إمام من إمكانية ذهاب التحول الحالي باتجاه الحرب أو المواجهات العسكرية ما لم يعمل الجميع لتدارك الوضع وبالسرعة المطلوبة.

محمود: إنها محاولة لإجهاض الوفاق
أما نائب الأمين العام لشورى قبيلة الفور -كبرى قبائل دارفور- أمين محمود فيشير إلى وجود عناصر شبه نظامية تساهم بشكل كبير في صناعة الأزمة بالإقليم، معتبرا أن ما يحصل بدارفور حاليا محاولة لإجهاض الوفاق الذي تمخض عنه مؤتمر أهل دارفور الشهر الماضي.

واتهم في حديثه للجزيرة نت الحكومة بعدم المسؤولية “لأنها تمارس تمييزا ضد المواطنين بجعلهم تحت رحمة المسلحين”، مشيرا إلى أن هذا هو ما تعمل الحكومة على ترسيخه حتى الآن.

وأشار إلى ما سماه “تلاشي الأمل والاستقرار” لأن الأحداث الأخيرة ستوفر تعاطفا شعبيا محليا مع الحركات المسلحة والمتمردين الآخرين.

أما الكاتب والمحلل السياسي محمد عيسى عليو فيعتقد أن دارفور أصبحت تعيش وضعا أمنيا مختلا “لغياب الرادع الحقيقي”، مشيرا إلى أن الأجواء باتت مهيأة لمزيد من التدهور والانفلات الأمني بالإقليم.

ويؤكد عليو أن ما يحدث يمثل حالة من الإغراء “للصوص ولحركات التمرد”، مما يجعل اتفاقية الدوحة بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة “في مهب الريح”.

واتهمت هيئة محاميي دارفور من جانبها الحكومة بإثارة ما وصفتها بالأوضاع الهشة بالإقليم، مستشهدة بقمع المتظاهرين في بعض مدن الإقليم.

وقالت في بيان حصلت الجزيرة نت على نسخة منه إن مزاعم الحكومة بوجود مجموعات مندسة وسط المواطنين المحتجين أمر لا يسنده منطق أو تدعمه حجة تستوجب استخدام الرصاص في مواجهتهم.

وشددت الهيئة على مشروعية وعدالة مطالب شعب الإقليم وحقه الدستوري في التعبير، إلا أنها طالبت بالمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة.

الجزيرة

Exit mobile version