على خطى القاهرة جوبا .. نفي رسائل الرئيس

وجدت حكومة جنوب السودان نفسها أمام خيار صعب لمجابهة ردود الأفعال التي أعقبت ما جاء في أحد التقارير التي نشرتها صحيفة امريكية، فقد كشف التقرير النقاب عن فحوى رسالة اعتذار بعث بها رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت لنظيره الأمريكي باراك اوباما قدم فيها اعتذاراً عن إنكاره في مرات سابقة لدعم بلاده لقوات الجيش الشعبي التي تقاتل الحكومة السودانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ونفى وزير الإعلام والإذاعة والناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان د.برنابا بنيامين بنجامين في مقابلة مع إذاعة (سودان راديو سيرفس) هذا الأمر وقال: “هذا ليس صحيحا، لا توجد مثل هذه الرسالة التي كتبها الرئيس كير إلى الرئيس أوباما فيما يتعلق بتقديم اعتذار”.
توجيه انتقادات
ووجه بنجامين انتقادات عنيفة طالت كلاً من الصحيفة وكاتب المقال بقوله: “إن موقع (ماكلاتشي) ظل يعمل مع الخرطوم منذ زمن طويل وكاتب التقرير موجود في نيروبي ولديه الكثير من مثل هذه التقارير ضد الجنوب”، متهماً الموقع بنشر ما تريده الحكومة السودانية، فيما وصف كاتب المقال الن بوزويل “بعدو السلام”.
ورغم إقراره بتعاطف بلاده مع “المتمردين” حسب قوله- بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لكنه نفى تقديم الدعم لهم، مبدياً استعداد سلفاكير للمساعدة في أي مباحثات سياسية يتم إجراؤها بين “المتمردين” والحكومة السودانية حسب ما ينص عليه القرار 2046 الصادر عن مجلس الأمن، وأردف: “ولكن ليس بالمشاركة في الدعم العسكري”.
أسباب التراجع
لعل أبرز الدوافع التي جعلت جنوب السودان تسارع بنفي إرسال سلفاكير لرسالة الاعتذار تلك نابع من عدة معطيات أبرزها أن الإقرار بصحتها سيعزز الموقف السوداني الرسمي الذي يتهم جوبا بالوقوف خلف الأحداث التي شهدتها ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر دعمها للفرقتين التاسعة والعاشرة التابعة للجيش الشعبي في هاتين المنطقتين، وهو الأمر الذي ظلت جوبا تنكره وترفض الإقرار به في مفاوضات المسار الأمني بين البلدين التي استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أببا، ولذلك فإنها ترى القرار 2046 يدعم ويعزز وجهة نظرها تلك باعتباره يشترط إجراء مباحثات بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال وفقاً لاتفاق أديس أببا الموقع بين الطرفين في يونيو 2011م الشهير باسم اتفاق (نافع-عقار).
الحفاظ على الصورة
على الضفة الأخرى فإن النفي الجنوبي يهدف للحفاظ على مظهر سلفاكير الذي بدأ يترسخ لدى شعب دولته الذي تراكم خلال الشهور الماضية باعتباره “صاحب شخصية قوية وصارمة ويدير جميع الملفات الداخلية والخارجية بشكل فعلي ويتولى إصدار القرارات التي تنفذها جميع الجهات دون تردد”، سيما في الفترة التي تلت إصدار حكومة الجنوب قبل عدة أشهر لقراره بوقف إنتاج النفط، ووقتها ذكر سلفاكير في خطاب له أمام البرلمان أنه رفض الامتثال لضغوط مارسها عليه عدد من قادة الدول الخارجية ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك اوباما وهو الأمر الذي حظي يومها بتصفيق داوٍ من الحاضرين.
نجد أن الجزئية التي وردت بالرسالة التي تم نشرها بمقال الن بوزويل بصحيفة (ماكلاتشي) التي برر فيها اعتذار سلفاكير لاوباما عن عدم إقراره واعترافه في المكالمة التي جرت بينهما بدعم جيش بلاده للمجموعات المتمردة المقاتلة للحكومة السودانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بسبب وجود عدد من مستشاريه بجانبه في الغرفة بجواره خلال المحادثة داخل الغرفة الذي كانوا يعتقدون أنه لا يعلم بتقديمهم دعماً لأولئك “المتمردين”، تنسف تلك الصورة الشعبية لسلفاكير التي سعى لترسيخها خلال الشهور الماضية باعتبارها تظهره كحاكم ضعيف أمام تيارات داخلية تتبنى سياسات هو غير مقتنع بها، وعاجز عن الإفلات من الحصار الذي تضربه حول تلك المجموعة المهيمنة التي تراقب كل تحركاته بما في ذلك مكالمته التي يقوم بها مع القيادات الخارجية.
جدل مرسي وبيريز
مشهد نفي رسالة رئاسية بين الرئيسين سلفاكير واوباما سبقته قبل عدة أسابيع حادثة مماثلة كان مسرحها هذه المرة الساحة (المصرية-الاسرائيلية) على خلفية تسريب مصادر اسرائيلية بمكتب الرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريز لمعلومة تفيد بقيام الرئيس المصري المنتخب والمنتمي لحركة الإخوان المسلمين د. محمد مرسي بالرد على رسالة بعثها الأول له بمناسبة انتخابه رئيساً لمصر أعرب فيها عن استعداد القاهرة للقيام بدور إيجابي في تحريك مسار مباحثات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
على الفور سارعت الرئاسة المصرية لنفي هذا النبأ ووضح أن السبب الأساسي عائد لموقف جماعة الإخوان المسلمين التاريخي المتحفظ على أي تقارب او حوار مع الاسرائيليين، وبالتالي سيؤثر هذا الأمر على صورة الإخوان المسلمين لدى الرأي العام المصري، إلا أن المصادر الاسرائيلية سارعت لتأكيد هذا الأمر من خلال كشفها عن وصول تلك الرسالة عن طريق القنوات الرسمية من خلال السفارة المصرية بإسرائيل وهو ما يؤكد أن تلك الرسالة “رسمية وغير مزورة”.
صحيفة السوداني
Exit mobile version