ورغم اقرار امريكا بأن السودان الذي ظل قابعاً في القائمة السوداء منذ العام 1993، قد ابدى تعاوناً كبيراً في العام الماضي في ملف مكافحة الارهاب الا انها ابقت عليه في ذات الخانة المقلقة، مبررة استمرار وجوده في القائمة السوداء بانه اضحى «قاعدة لوجستية» و»نقطة انتقال» للارهابيين الذين يتوجهون الى العراق وأفغانستان بحسب التقرير.
ولم تغنِ الملاحظات التي سجلتها الخرطوم لواشنطن حول الكيفية التي ظلت تتعامل بها معها خلال الفترة الماضية، ومنها ما نقله وزير الخارجية علي كرتي للقائم بأعمال سفارتها فى الخرطوم السفير جوزيف ستافورد مؤخرا، فلم يتم شطبها من قائمة الارهاب ولم تفتح ابواب التطبيع بين البلدين، ما يفتح باب التساؤلات على مصراعيه حول الاسباب الحقيقة لابقاء امريكا السودان في تلك القائمة القميئة، والتفسير الذي نبحث عنه قد لا نجده عند الحكومة السودانية نفسها فوكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله محمد عثمان يؤكد ان السودان فعل كل ماعليه فى سبيل شطب اسمه من قائمة الدول الراعية للارهاب. وقال لـ «الصحافة» عبر الهاتف أمس ان القرار الأمريكى مؤسف ويعيق رغبة حقيقية لدى السودان لتطبيع العلاقات بين البلدين، واضاف ان استمرار السودان فى القائمة السوداء برغم اعتراف وزارة الخارجية الأمريكية المعلن فى تقريرها الاخير والقاطع بتعاون السودان فى ملف الارهاب «امر غير منطقى وغير مبرر»، بيد ان رحمة الله ارجع القرار لحسابات داخلية خاصة بواشنطون واقتراب موعد الانتخابات الامريكية نهاية العام الجاري.
هذا فيما يرجح السفير عبدالله عمر بقاء السودان فى قائمة الدول الراعية للارهاب الامريكية بعدة مسبببات، ويقول لـ «الصحافة» ان الاجابة المباشرة قد تكون هي ارتباط السودان بالأصولية الاسلامية فكريا وسياسيا ودعما عمليا اعلاميا ولوجستيا، ويضيف « الا انه صار معلوما وثابتا سياسيا ورسميا أن السودان قد غادر تلك المحطة منذ بدايات القرن الجاري على المستوى العالمي وفي المحيط الاقليمي، بشهادة جيرانه». واوضح عمر ان الاثارة الاعلامية تتكرر بين فينة وأخرى بخصوص استهداف أمريكا للسودان، رغم ان البعض يذهب لمستويات بعيدة في التهديد بقطع التواصل مع امريكا، فسرعان ما تهدأ ثورة الغضب ويعود الحديث عن امكانية التواصل الايجابي، واشار عمر الى اجواء لقاءات المسئولين السودانيين مع نظرائهم الامريكان، بخاصة ما يذهب اليه تفاؤلهم كلما التقوا مسئولا أمريكيا خلال الزيارات المتبادلة.
ويقول السفير عمر ان السودان ربما لم يف بعد بالشروط الامريكية التي تجعله مؤهلا للرفع عن قائمة الارهاب الامريكية ، فتعريف هذا المصطلح عند الامريكان مختلف عما نألفه تماما، لانه جزء من أجندة العلاقة الاستراتيجية مع اسرائيل، ويتابع عمر « والواقع أن أمريكا لن ترفض طلبا لاسرائيل طالما أنه لا يضر بصورة مباشرة بمصلحتها، ولطالما ظل السودان يلعب دورا مؤذيا لاسرائيل بتقديم حرية حركة غير مراقبة للمقاومة الفلسطينية، سيظل ضمن القائمة التي تقدمها اسرائيل لأمريكا لتضعها في فوهة الاستهداف «.
ورغم ان العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الامريكية شهدت نوبات تقلب حادة خلال العقدين الماضيين، ووصلت ذروتها بقصف مصنع الشفاء للادوية عام 1998، غير انها مرت عليها لحظات صفاء وتعاون كالتي شهدها العالم بعد احداث 11 سبتمبر.
[/JUSTIFY]
الصحافة – تقرير : محمد جادين