الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:
السحور ليس شرطاً في الصيام، وإنما هو سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها، وقال: «تسحروا فإن في السحور بركة» «متفق عليه من حديث أنس». فيسن السحور ويسن تأخيره، لأنه مما يقوي المسلم على الصيام، ويخفف عنه مشقة الصوم لأنه يقلل مدة الجوع والعطش، وقد جاء هذا الدين بالميسرات التي تيسر على الناس عباداتهم، وترغبهم فيها، ومن ذلك تعجيل الفطور وتأخير السحور، فيسن للمسلم الصائم أن يقوم إلى السحور ويتسحر ولو بالقليل ولو بتمرة أو شربة ماء، عملاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي السحور فائدة أخرى روحية، وهي التنبه والاستيقاظ قبل الفجر، ساعة السحور التي يتجلى الله فيها لعباده، فيجيب من دعا، ويغفر لم استغفر، ويتقبل ممن عمل صالحاً. وما أعظم الفرق بين من يقضي هذا الوقت ذاكراً تالياً، من يمر عليه راقداً نائماً.
استعمال السواك ومعجون الأسنان للصائم
السواك قبل الزوال مستحب كما هو دائماً، وبعد الزوال اختلف الفقهاء فقال بعضهم: يكره الاستياك للصائم بعد الزوال. وحجته في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» «رواه البخاري من حديث أبي هريرة» فهو يرى أن ريح المسك هذا لا يحسن أن يزيله المسلم، أو يكره له أن يزيله، ما دامت هذه الرائحة مقبولة عند الله ومحبوبة عند الله، فليبقها الصائم ولا يزيلها، وهذا مثل الدماء.. دماء الجراح التي يصاب بها الشهيد، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الشهداء: «زمّلوهم بدمائهم وثيابهم، فإنما يبعثون بها عند الله يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك» ولذلك يبقى الشهيد بدمه وثيابه لا يغسل ولا يزال أثر الدم. وقاسوا هذا على ذلك.
والصحيح أنه لا يقاس هذا على ذلك، فذلك له مقام خاص، وقد جاء عن بعض الصحابة أنه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك ما لا يحصى وهو صائم» فالسواك في الصيام مستحب في كل الأوقات في أول النهار وفي آخره، كما هو مستحب قبل الصيام وبعد الصيام.. فهو سنة أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» «رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. ورواه البخاري معلقاً مجزوماً» ولم يفرق بين الصوم وغيره.
أما معجون الأسنان، فينبغي التحوط في استعماله بألا يدخل شيء منه إلى الجوف، وهذا الذي يدخل إلى الجوف مفطر عند أكثر العلماء. ولذا فالأولى أن يجتنب المسلم ذلك ويؤخره إلى ما بعد الإفطار، ولكن إذا استعمله واحتاط لنفسه وكان حذرًا في ذلك ودخل شيء إلى جوفه فهو معفو عنه والله سبحانه وتعالى يقول: «وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم» «الأحزاب: 5» والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» والله أعلم.
صحيفة الانتباهة