ولقد ظل السوريون العاديون محرومين لسنوات من استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي بعد أن حجبت عنهم حكومتهم مواقع فيسبوك ويوتيوب وغيرها من شبكات التواصل على الإنترنت حتى اندلعت ثورات الربيع العربي في المنطقة مطلع العام الماضي فحدث ما لم يكن في الحسبان: فالمواقع التي لعبت دورا محوريا في الانتفاضات الشعبية في دول عربية أخرى سرعان ما أُعيد فتحها وعلى حين غرة.
أما السبب الذي جعل الحكومة السورية تقدم على تلك الخطوة ما لبث أن بات واضحا الآن، إذ يقول ناشطون وخبراء في مجال الإنترنت إن من اليسير على النظام أن يتعقب الناس لمعرفة من يعاديه عن طريق رصد الحركة على مواقع التواصل الاجتماعي تلك، أو خداع مستخدمي الإنترنت للنقر على روابط بعينها تقوم بتنزيل برامج تجسس على أجهزة الحاسوب الخاصة بهم.
ويرى خبراء الإنترنت أن الحكومة السورية نجحت بهذه الحيلة في جعل الناشطين السياسيين يتصفحون المواقع الإلكترونية هذه على النحو الذي يخدم مصلحتها وإلى حد أكبر بكثير مما حدث في ليبيا ومصر أو ربما في أي بلد عربي آخر.
يقول أمجد بيازي -وهو باحث سوري يقيم في لندن- إن شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت والتي يمكن لأي شخص استعمالها من منزله، لعبت دورا رئيسيا في الانتفاضة السورية وساهمت في كسر احتكار الإعلام الحكومي للساحة والذي دام عقودا من الزمن.
لكن بيازي يستدرك قائلا إن تلك الشبكات نفسها هي التي ساعدت الحكومة السورية على تعقب النشطاء.
وكأن القنابل وطلقات الرصاص التي تنهال على رؤوس المناوئين لنظام بشار الأسد لا تكفيهم حتى انقلبت عليهم وسائل الإعلام الاجتماعي الأثيرة لديهم فكان أن اخترق قراصنة الكمبيوتر المستترين والموالين للحكومة ستار السرية الذي ضربوه على أنفسهم.
فقد اشترت الحكومة السورية العام المنصرم جهازا مركزيا للتجسس على شبكة الإنترنت، غير أن إنزال برامج تجسس على حواسب الناشطين السياسيين يعتبر أحدث أنماط الحرب الإلكترونية.
تقول إيفا غالبيرن -التي تعمل بإحدى الجماعات المدافعة عن حقوق مستخدمي الإنترنت- إن هناك مخاوف من أن بعض الناشطين السوريين المحتجزين لدى النظام بأعداد كبيرة كانوا ضحايا عمليات تجسس قام بها قراصنة موالون للحكومة.
وتضيف قائلة إنه بدا واضحا أن نظام الأسد استقى الدروس والعبر من تونس ومصر وليبيا فعمد إلى استخدام برامج كمبيوتر للتلصص على حواسب الناس حتى أصبحت هذه هي سمة ميزت الصراع السوري عن بقية ثورات الربيع العربي.
ومع ذلك فقد ثبت يوما بعد يوم أن كل تلك التقنية العالية ليس لها كبير أثر منذ أن بدأت فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغوغل وغيرها من مواقع بتحويل الرسائل إلى شفرات عبر وسائل الاتصال الأساسية بين تلك المواقع وأجهزة الحواسب الخاصة بالمستخدمين.
الجزيرة نت