[ALIGN=CENTER]شد الكراب! [/ALIGN]
في خواطري الطفولية.. ذلك العنقريب المتميز في حوش جدي رحمه الله «ود الحسين» فقد كنا نتولي العناية بذلك العنقريب خاصة مقدمته المعروفة بالكراب وعنقريبنا كان «مسيوج» الوسط من خلاف طولاً وعرضاً… لحمة وسداة ولكن موضع الكراب طولي السياج.. ودائماً ما كان جدي يوصينا خيراً بهذا الكراب لأنه موضع راحة الرأس الذي يحمل البدن المجهد… فقد كان جدي يجتهد يومه في الذهاب الباكر لسوق الخضر وسط الخرطوم ليفرش الليمون وينادي عليه «ليمون ود الحسين البودر وجع الاضنين» في ظل ثورة المنادين والدعاة للشراء والإغراء بالتبضع.. وتمر أحداث يومه ما بين زخم ذلك الوسط الهائج والعودة لمسؤوليات الأسرة وذلك العنقريب الذي دائماً ما كان ينظر قبل رقوده عليه لذلك الكراب… وكنا نراقبه عندما يحل عقدة الحبل المرتخية ليجعلها أكثر اشتداداً ومن ثم يؤمن الموضع لذلك الرأس المتعب… ومن جدي والكراب… عرفت أن كل شيء له رأس ولابد من الاهتمام بهذا الرأس.. وحياتنا رأسها أن نحس في تداول تفاصيلها بالرضا والقبول على مستوى الجماعة البشرية وعلى مستوى الفرد ومحرابه… وعندما نجد أنفسنا محاطين بوسائد الكرامة وكراب الطمأنينة نحس أننا يمكن أن نحتمل تهريء وسط العنقريب ورهق الأطراف إن لم تأخذ كفايتها من الراحة والارتخاء… واليوم وبلادنا ترقد على عنقريب بالتأكيد ليس كعنقريب جدي وليس عنقريباً ينقلها إلى الدار الآخرة.. ولكن عنقريب. خرطت مروقه من أشجار الأحداث والسياسة والاقتصاد والاجتماعيات و… و… فصار لازماً ان تجيء إليه برؤوس ملؤها الفرط من التعب ومن ثم توجب تأمين رأس البلاد وان لم يستطع بقية بدنها التمدد الوثير على رحابة مساحات العنقريب المألوفة خاصة وانه أضطر البدن لإخراج الأرجل من مظلة وحدته وتركت جوانب العنقريب الأطراف الأمامية على مضض عدم الارتكاز والتمحور المريح… المهم أن يكون الرأس ممهولاً ومرتاحاً ومن ثم يؤمن حال البدن… وحتى تكن بلادنا «برأسها وساسها» فالكراب هو كيف نحافظ على أطر البلد في الاتجاهات الأربع في هذه الفترات الحساسة.. خاصة وان الانفصال وقع وذهب بثلث مساحة العنقريب وصار لزاماً ايجاد «كراعين بديلتين لذلك العنقريب» مثلما تحتاج المساحة الذاهية لذات «الكراعين».. وأول عملية لاصلاح الكراب هو ضرورة الاعتراف بان هناك «عنقريباً» جديداً شمالاً وجنوباً.. مثلما هناك دولة جديدة في الجنوب تشد إليها الأنظار هناك أيضاً دولة جديدة في السودان القديم تولد بسنونها أو ربما بدون… فهل يعقل أن تستمر آليات الحكم الذي بني على الشراكة؟ وهل يعقل ترك الآخرين في خانة الفرجة؟ أم تتداعى كل الكيانات لبناء دولة يساهم فيها الجميع بحقائق ومعطيات واضحة ومعلومة… تبدأ بنظام الحكم «كرأس للعنقريب» ومؤسسات الدولة المختلفة تلبية لحقوق ومطالب المواطن.
آخر كلام:-
آن أوان شد الكراب..
ودمتم
سياج – آخر لحظة – 3/2/2011
fadwamusa8@hotmail.com