(سماية) المواليد… سباق محموم نحو (البوبار)..!!

فرحة قدوم المولود كبيرة، والإحتفال به مطلب شرعي وإجتماعي، إلاّ أن ما وصلت إليه بهرجة (السماية) في الآونة الأخيرة من مظاهر باهظة التكاليف، ومبالغة غير مبررة، وما يصاحبها من تزيين وهدايا فاخرة جعلت من السماية ليس مجالاً للتعبير عن الفرح فحسب، وإنما حولته إلى منحى آخر نحو التفاخر والمباهاة بين الأسر..وهو الامر الذى يضع علامة استفهام كبيرة في ظل الظروف الاقتصادية الاخيرة..!
تجهيزات خاصة:
وتقول المواطنة منيرة الرضي أنها في جميع (سمايات) مواليدها تحرص على مواكبة التطور والظهور بمظهر مختلف، ابتداء من سرير المولود المغطى بالزينة والبالونات، وأنواع العصائر والشكولاتة، إلى جانب أفخر أنواع البخور، مشيرة إلى أن تلك الظاهرة أصبحت شائعة بين النساء، ومجالاًَ للتنافس فيما بينهن. وبيّنت أن الأمر يختلف من امرأة لأخرى بحسب وضعها الإقتصادي والإجتماعي، حيث يفضل البعض أن يكون إستقبال المولود في مستشفى خاص يضم غرفة مجهزة بالإحتياجات اللازمة،إلى جانب تزيين سرير الأم بلون يتناسب مع جنس المولود.
برستيج إجتماعي :
وتشير ربة المنزل نوال خالد إلى ان مناسبة (السماية) أصبحت تعكس البرستيج الإجتماعي، من خلال الظهور بمظهر لائق بشكل يواكب التطور الإجتماعي، موضحةً أن تجهيزها لإستقبال مولودها يبدأ منذ وقت مبكر بشراء أفخر أنواع الحلويات والخبايز والأثاث والملايات والستائر ، إضافة إلى تزيين سرير الطفل وملاءمة لونه لنوع المولود…ذاكرة أنها تحرص على اقتناء تجهيزاتها من محلات معروفة لكي تظهر بشكل مميز وجذاب…وختمت نوال حديثها قائلة: (بالرغم من أن وضعنا الإجتماعي بسيط كوننا من الأسر محدودة الدخل إلا أنني حريصة على أن لانكون أقل من غيرنا).
المبالغة في (البوبار):
وتقول نصرة عبدالله إنها تمقت مبالغات (السماية) بشدة، واصفةً إياها بالترف والمفاخرة المرفوضة المؤدية لإرهاق مادي، ويجلب الحسد بين الناس، إلاّ أنها تؤيد الفرح بشكل معتدل بدون أن يرهق الشخص نفسه بتكاليف فوق طاقته، مفضلةً إجراء (سماية) مبسطة ومنظمة بعيداً عن مظاهر البذخ والإسراف والمظاهر الكذابة والمبالغات.
الجديد شنو.؟
وكشفت أم خالد – منسقة حفلات – أن السيدات أصبحن يتنافسن في مناسبة السماية ، ولا يكتفين بترتيبات بسيطة، وإنما منذ وقت مبكر يبحثن عن أفكار جديدة وجذابة لهدايا المواليد واستقبال الضيوف، مبينةً أن أول سؤال يواجهها من (الزبونة) عن آخر موضة جديدة ومختلفة عن الآخرين؛ مما يدلل على حرص السيدات على التميز في هذه المناسبة، مشيرة إلى أن إرضاء العميلة هو أهم أولوياتها من خلال الاهتمام بمناسبتها والتجهيز لها مبكرا.. وقالت: نحضر أجواءً احتفالية خلال (السماية) في المنازل ، مصحوبة بفنانين وساونات ، بحسب طلب الزبونة، كما نزين الحوائط والمداخل بالبالونات والأشرطة الملونة، ودُمى الدببة، إضافةً إلى تجهيز طاولة استقبال للضيوف مزينة بالشموع والورود وصور المولود، إلى جانب تقديم هدايا الزوار مجمّلة بحسب الطلب.
عرف اجتماعي:
وتوضح الإخصائية الإجتماعية معزة طه أن كثيرا من النساء يبالغن في مناسبة (السماية) حتى أصبحت مجالاً للتفاخر والمباهاة، حيث تصرف عليها مبالغ طائلة، مشيرةً إلى أن ذلك سبَّب إرهاقاً مالياً لدى كثير من الأسر عندما يجاهدون أنفسهم للظهور بمظهر اجتماعي أعلى، وهو ما قد يعزز من الطبقية المجتمعية، والغيرة الاجتماعية. وأرجعت معزة أسباب من يجعل تلك المناسبات مكانا للمفاخرة، إلى (نزعة التفرد) لدى البعض، وكذلك الرغبة في المباهاة والتفاخر لدى العديد من أفراد المجتمع، إلى جانب الحرص على التميز والإحساس أنه الأفضل؛ مما قد ينتج عن ذلك خلل نفسي يُشعر البعض بالنقص بحيث يودون الظهور بمظهر اجتماعي أعلى من طبقتهم الاجتماعية.. ودعت إلى توعية المجتمع وتحذيرهم من المبالغات الممقوتة في الاحتفالات بكافة أنواعها، لأنها تعتبر نوعا من البذخ الاجتماعي المرفوض، إلى جانب عدم الانسياق وراء المظاهر الزائفة، منوهةً بضرورة التعقل وعدم إرباك ميزانية الأسرة بتكاليف لاتتناسب مع وضع الأسرة المادي، حيث إن التعبير عن الفرح لا يتطلب هدراً مالياً مبالغاً فيه.

تقرير: فاطمة خوجلي
صحيفة السوداني

Exit mobile version