الإذاعة الأمريكية لم تكن وحدها، فقد اتصل عليّ من «بيروت» مدير الإدارة السياسية في قناة (الميادين) الفضائية، وكنت قد تعرفت عليه في العاصمة اللبنانية عندما دعتني قناة العالم واستضافتني لمدة ثلاثة أيام لإجراء عدد من الحوارات قبل نحو عام ونصف عن تطورات قضية دارفور، وكان الأستاذ حسين وقتها يعمل في قناة العالم، ولم يكن معرفة أو علماً بالقناة الجديدة التي انتقل للعمل بها، إلى أن كان يوم الأمس، وقد سألني ذات الأسئلة وزاد عليها أن أعطيه صورة متوقعة لما يحدث الآن، وما سوف يحدث لاحقاً.
قبل هذا وذاك كنتُ قد تلقيت محادثة هاتفية اجتماعية من أخي وصديقي الشيخ الجليل مولانا معتصم العجيمي النائب البرلماني المعروف، وقد تطرق الحديث للتطورات التي تشهدها الساحة السياسية والتصعيد الذي بدأ متفرقاً في بعض أنحاء العاصمة.. وقد اتفقت آراؤنا وتحليلنا للموقف، لذلك لم يكن أمامي إلا الكتابة عن هذا الأمر بذات الرؤية التي نقلتها للإذاعة الأمريكية والفضائية اللبنانية، وللأستاذ المسلمي الكباشي مدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم الذي التقيته ظهر أمس في لقاء سلطة الطيران المدني بأهل الصحافة والإعلام.
الموقف بالنسبة لي- كما ذكرت لمن سألني- هو أزمة حادة تواجه النظام في السودان، لكنها ليست أكثر حرجاً من أزمات أكثر حدة واجهته من قبل، وتمثلت في محاولات فت العضد، والضرب من دول الجوار خلال فترة الحصار المحكم على السودان، كان أبرزها عملية الأمطار الغزيرة، ثم جاءت أزمات أخرى كثيرة متساوقة منها إشعال الحرائق على الحدود مع دول الجوار، ومواجهة الحرب الخفية والمعلنة، والصراع المدعوم من الغرب مع حركات التمرد جنوباً وشرقاً وغرباً، ثم المحاولة التي قادتها حركة العدل والمساواة لغزو أم درمان، وغيرها، فالذي يحدث الآن هو تحركات تقوم بها كوادر بعض القوى السياسية المعارضة بهدف جر الشارع إلى مناهضة النظام لإسقاطه، والمواطن العادي- غير المسيّس- ينظر للأمر بعين الاهتمام، وينتظر أن تكون هناك نتائج مفيدة بالنسبة له كأن تتراجع الحكومة عن زيادة أسعار المحروقات، أو تقللها بعض الشيء.
وذكرتُ لمن سألني في الإذاعة الأمريكية والفضائية اللبنانية أن المتأثر الأكبر برفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعارها هم موظفو القطاعين العام والخاص الذين يعتمدون على دخل محدود منتظم سيتقلص حتماً مع الزيادات التي ستطال أكثر السلع والخدمات، لكن بالنسبة لأصحاب الأعمال الحرة والمهنيين والحرفيين وغيرهم، فإنهم سيواجهون تلك الزيادات برفع أسعار منتجاتهم من السلع والخدمات.
أما عن سقوط النظام فإن هذا يتوقف على (قوة) و(تنظيم) المعارضة وأثرها على الشارع.. وقبل هذا وذاك يتوقف على إرادة الله الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء..
صحيفة آخر لحظة
بعد ومسافة – مصطفى أبو العزائم