هاجس أمني
العديد من الخبراء العسكريين يتوجسون من سواحل البحر الأحمر ويشيرون لها بأنها باتت تشكل مهددا خطيرا… وفي ذلك يقول قائد القوات البحرية الأسبق ببورتسودان اللواء بحري (م) نور الدين محمد في حديث لـ(السوداني) إن طول الساحل السوداني الممتد لأكثر من 720 كلم من أريتريا حتى مصر وعرضه البالغ 25 كلم وكثافة انتشار الجزر البحرية غير المأهولة بالسكان تجعل أمر حمايته مسألة صعبة، وأشار إلى أن السودان يمتلك ثلث الساحل الغربي للبحر الأحمر ويُشكل ذلك نقطة ضعف كبيرة في إستراتيجية السودان البحرية وعبئاً دفاعياً كبيراً على السودان كما يغري ويُشجع الجهات المعادية على ممارسة أنشطتها غير المشروعة.
ودعا اللواء نور الدين بضرورة توجيه قدرات الدولة في التواجد البحري وإعلان سيادة الدولة على المياه الداخلية ومياهها الأقليمية واستخدام الجزر السودانية كنقاط مراقبة بجانب بناء بحرية تجارية وتأهيل الجزر للسكن الشعبي والتواجد الأمني فيها وتدريب الصائدين التقليديين.
تواجد إسرائيلي
وحول التواجد الإسرائيلي على سواحل البحر الأحمر بالقرب من السواحل السودانية يشير اللواء نور الدين إلى أن هذا التواجد غير مستغرب خاصةً بعد تعهد أمريكا بتأمين البحر الأحمر لإسرائيل وبعد الاعتداءات المتكررة من قبل الطائرات الإسرائيلية على شرق السودان آخرها حادثة ضرب “السوناتا” الشهيرة عند مدخل مدينة بورتسودان العام الماضي، وكذلك الغارات الجوية على مواطني شمال بورتسودان لمرتين في عام واحد، مطالبا الحكومة بتخصيص ميزانيات أكبر وإمكانات حتى تستطيع القوات المسلحة مواجهة التحديات البحرية، مشيراً إلى أن كل الدول التي لديها حروب في البر يقل اهتمامها بالبحر وأضاف “نحن نفتكر أن خط الدفاع الأول في البحر”، مشيرا إلى أن البحر مسرح مفتوح وخالي من المعالم ويعتمد التعامل معه على التكنولوجيا في حال ركوبه أو مراقبته، وكذلك يقتضي التعامل الأمني معه على أجهزة رصد ومراقبة متطورة وتواجد دائم من القوات البحرية والطيران البحري، مبيناً أن الدول المتقدمة تمتلك طائرات بحرية خاصة، مهمتها مراقبة البحر، وهي طائرات متطورة تحلق وفقاً لخرائط دون الاعتماد على أية معالم أخرى، وقال إن هذا النوع من الطائرات تحتاج إلى تدريب خاص، وأردف أن التعامل مع البحر يحتاج إلى تقنيات معينة ومعدات معينة.
تحرشات بحرية
من جهتهم اشتكى صائدو الأسماك بولاية البحر الأحمر من تعرضهم لمضايقات من قبل الأجسام والقطع العسكرية الإسرائيلية والأمريكية المتواجدة في حوض البحر الأحمر قبالة السواحل السودانية ويقولون إنها تسببت في الحد من نشاطهم في صيد الأسماك… وقال الصياد علي منيب هجينة في تصريح لـ(السوداني) إنهم يعانون من الوجود العسكري للقوات الدولية بالبحر الأحمر لأنها تعتدي عليهم وتلاحقهم بحجة الاشتباه فيهم بأنهم قراصنة، الأمر الذي أعاق عملهم، وأكد منيب أن السلطات السودانية تعلم ذلك لكنها لا تحرك ساكناً ولم يتعدَّ دور الحكومة سوى تقييد حركة الصائدين والتحكم في استخراج تراخيص الصيد لهم في مناطق صيد محدودة وقريبة جداً من السواحل، وأبان أن الساحل الشمالي لمدينة بورتسودان تسيطر عليه السلطات المصرية المحتلة لمثلث حلايب والساحل الجنوبي لميناء بورتسودان تنتهي تراخيص السلطات السودانية فيه عند جزر “تلاتلا” بالرغم من أنها جزر تقع في منتصف الحدود السودانية الأرترية وتنشط بتلك المنطقة عصابات تهريب السلاح وتهريب البشر وصائدو الصيد العشوائي من دول الجوار الذين يخترقون الحدود السودانية ويقومون بصيد الأسماك السودانية بطريقة غير مشروعة، وطالب علي منيب الحكومة بحماية ساحلها وتكثيف رقابتها وتأهيل قواتها مبيناً أن قوارب الصيد التقليدي السوداني تتعرض لتهديدات من القوات الدولية خاصة الإسرائيلية والأمريكية خصوصاً بعد تصاعد نشاط القراصنة الصوماليين بالمحيط الهندي بالرغم من تباعد المسافة بطول آلاف الأميال البحرية بين منطقة وجود القراصنة والسواحل السودانية، وكشف منيب أنه سبق وأن اعتدت بارجة أمريكية على قوارب صيد سودانية جنوب سواكن العام الماضي قتلت شخصين ودمرت أربعة قوارب ولم تتم أية إجراءات أو تحريك دعاوى حيالها، وأوضح أن وجود القوات الدولية في البحر وعبورها لا ينحصر في المياه الدولية وإنما تدخل في أحايين كثيرة للمياه الإقليمية السودانية لأغراض متعددة، كذلك تدخل لمنطقة الساحل السوداني سفن سياحية أجنبية وقوارب يمنية وجرافات مصرية دون إذن وتمارس مختلف أنشطتها.
فيما اعتبر رئيس اتحاد الصيادين بالبحر الأحمر حسن منيب في حديث لـ(السوداني) أن البحر بالفعل بات يشكل مصدر إزعاج وتهديد لعضوية الاتحاد من الصيادين، وأعرب عن بالغ أسفه لعدم تمكن الاتحاد من تزويد قوارب الصيادين بوسائل اتصال تمكنهم من التواصل مع بلدهم من داخل البحر، مشيراً إلى أن قوارب الصيادين لا توجد بها وسائل اتصال الأمر الذي يعرضهم لمخاطر كبيرة حال تعرض القارب لأي مهدد أمني في عرض البحر أو إذا أصيب بعطل فني لا توجد أي وسائل غوث أو إسعاف، وقال: في كل دول العالم القوارب مزودة بأجهزة اتصال (راديو) إلا عندنا في السودان حتى اصطحاب جهاز الثريا مربوط بعدة إجراءات وتراخيص، وأوضح أنهم في اتحاد الصيادين أبلغوا مخاوفهم لكل الجهات ذات الصلة وينتظرون نتيجتها حتى الآن.
السوداني