خبراء يتوقعون مواصلة ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق الموازي ..قالوا إنه أضحى سلعة و (مخزن قيمة) ولا يستخدم في التبادل التجاري
[JUSTIFY]توقع الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام بوب أن يستمر الارتفاع في سعر الدولار، الا اذا حدثت اصلاحات اقتصادية حقيقية عبر اعادة هيكلة القطاع الاداري والاقتصادي للبلاد، وقال إن عدم وجود اصلاحات حقيقية يظهر في اختلاف الخطاب السياسي والاقتصادي الذي يقدمه وزير المالية في كل مرة يخرج فيها للناس، مبيناً أنه قبل الانفصال قال إنه لا يوجد أي أثر للانفصال وليس هناك خروج للموارد النفطية من الاقتصاد السوداني، ثم عاد واعترف بالعجز وأثر الانفصال والحرمان من البترول. ووصف الادارة الاقتصادية بالبلاد بأنها تدار بعقلية «الوداعية» وليس باستقراء الارقام والموارد، قائلاً إن هذا ما نحتاجه، وقال لـ «الصحافة» إن الارتفاع المستمر للدولار أصبح امراً واقعاً، مشيراً إلى فترات بسيطة يشهد فيها بعض الانخفاض، إلا أنه قال إن الاتجاه العام هو الزيادة المطلقة، واعتبر ذلك أمراً حتميا لارتباطه باحتياجات البلاد من العملة الحرة، مرجعاً ذلك إلى عدم مقدرة السودان على انتاج السلع والخدمات التي تحقق فائضاً يتم تصديره ويجلب عملات أجنبية. وأكد أن الذهب لن يعوض هذا الفرق لأن استخراجه يتم عبر جهود أهلية مما يعني أنه في ايدي المواطنين وليس في يد الدولة، واعتبرها جهود شخصية يتمتع صاحبها بحق التصرف فيها، وقال إن الذهب ليس لديه مردود على خزائن الدولة، باعتبار أن الأحوال الاقتصادية الآن تتجه نحو التضخم الذي يتزايد بصورة مستمرة، بالإضافة الى الركود الاقتصادي الذي يعني إحجام او عدم مقدرة المواطن على تفعيل القطاعات الاقتصادية الحقيقية. وأشار الى تحويلات السودانيين العاملين بالخارج، وكشف عن بعض المعيقات التي تواجهها باعتبار أن سعر الدولار في السوق الحقيقي يتجاوز ستة جنيهات في حين سعره الرسمي في البنوك في حدود 2.80 جنيه، واعتبره سعراً غير حقيقي، مما يؤدي إلى الامتناع عن التحويل بالقنوات الرسمية بل يتم ذلك عن طريق قنوات اخرى اكثر كفاءة وأعلى سعراً، مما يؤدي إلى فقدان الدولة للموارد الأساسية للعملة الحرة وهي الصادرات، بسبب ضعف القطاعات الاقتصادية وتحويلات المغتربين إلى البلاد بسبب ضعف القيمة التي يجدونها من التحويلات الرسمية، وانتاج الذهب الذي يهرب الى الخارج مقابل عملة اجنبية، وأخيراً موارد النفط، وقال بوب: «لم يعد لدينا مورد حقيقي للعملات الأجنبية مما يعمل على استنفاد الاحتياطي الموجود، وبالتالي سيستمر الدولار في الارتفاع».
ومن جانبه أكد الخبير المصرفي شوقي عزمي أن هناك أسباباً كثيرة أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني، وبالتالي انعكاس ذلك سلباً على الاقتصاد الكلي، واعتبر فقدان حصيلة البترول جزءاً من الاشكالية وليس كل المشكلة، وقال إن المشكلة الأساسية تكمن في عدم بناء احتياطي نقدي يمكن السودان من مجابهة الظروف الاضطرارية التي تنشأ، بجانب الحصار المعلن من بعض الدول وتطبقه دول اخرى لإرضاء دول المحور الغربي، الأمر الذي خلق صورة قاتمة للدولار، إلا أنه قال إن السودان يستطيع أن ينشئ بعض الآليات التي تمكنه من توفير النقد الاجنبي عبر التخفيض الحقيقي للمصروفات غير المنظورة التي يقوم بها القطاع العام، بالإضافة لترشيد سياسات الاستيراد من خلال دعم قطاعات الانتاج والقطاع الزراعي، مع ضخ سيولة معقولة من حصيلة بيع الذهب لمقابلة بعض الالتزامات حتى ولو بنسبة 10%، الامر الذي يمكن من تخفيض الهجمة الشرسة على الدولار. وقال لـ «الصحافة» إن الدولار الآن أصبح سلعة يتم الاحتفاظ بها ولا يستخدم في التبادل التجاري. وأبان ان هذا الامر انعكس سلباً على حركة الايرادات، مما يتطلب بالضرورة أن يقدم البنك المركزي حوافز اضافية تمكن المستثمرين من ادخال النقد الاجنبي في السودان، وأن يلتزم البنك بدفع جزء من المتأخرات للمستثمرين العرب ليواصلوا ضخم للدولار في السودان، ويتم انشاء صكوك دولارية يتم استثمارها في مجالات خدمية ذات عائد عالٍ وتصفى بانتهاء اجلها بالدولار، مع ارفاق خطاب ضمان من بنك السودان لسداد قيمة هذه الصكوك وأرباحها عند الأجل.
وقالت الخبيرة الاقتصادية دكتورة نجاة يحيى إن ارتفاع الدولار مؤشر للحالة الاقتصادية في البلاد. واشارت الى الفوضى في اسعار كل السلع الاخرى التي تتمثل في اختلاف الاسعار من بائع لآخر، بالإضافة الى الهلع الذي اصاب الناس فاتجهوا الى تحويل الجنيه الى دولار باعتباره مخزناً للنقود في ظل انهيار الجنيه، داعية الى وضع ضوابط للأسعار في ظل سياسة التحرير. [/JUSTIFY]