مناوي وحركة العدل والمساواة …. الحرب تشتعل …!

فى الوقت الذى ظلت فيه الأنظار متجة صوب الاتهامات المتبادلة بين السودان وجنوب السودان إثر إقدام حكومة الجنوب على احتلال هجليج وانشغال السودان بتحرير المنطقة ، على الضفة الأخرى فى غرب السودان جرت معارك لا تقل أهمية عن تلك التى دارت فى مناطق الذهب الأسود إلا أن هذه المعارك لم تحدث هذه المرة بين الحكومة والحركات كما هو معتاد بل هذه المرة بين أكبر فصيلين من الحركات الدارفورية المسلحة هما حركتي تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم فى منطقتي “ابوقمرة ” و “الطويل” بشمال دارفور مما قد يسهم في تعقيد الأوضاع أكثر مما هي عليه وقد يؤدي لاقتتال بين الحركات.
انفجار الأوضاع
وتعود تفاصيل الحادث الذى وقع في الفترة الماضية وأدى إلى مقتل أكثر من ثمانية من المواطنين بجانب جرح أكثر من تسعة آخرين واعتقال ثلاتة أشخاص بحسب مصادر مطلعة.
نجد أن حركة مناوي التى تسيطر على المنطقة منذ بدايات الصراع الدارفوري قامت بفرض رسوم وإتاوات على مواطني المنطقة لدعم عملياتها العسكرية وبعد رفض البعض دارت معارك بين المواطنين وحركة مناوي مما قاد الى مقتل البعض وجرح آخرين بجانب اعتقال من رفضوا ذلك، إلا أن حركة مناوي فى بيان توضيحي لها تحصلت (السوداني) على نسخة منه قالت إن مواطني المنطقة اجتمعوا وكونوا لِجاناً لجمع تبرعات مالية لصيانة خزَّان المياه، ولمشروعات تنمية مماثلة ، ونفت ذهاب أي من تلك الأموال الى خزينتها ولفتت الى أن ماتم ليس وليد تلك اللحظة وإنما استمر ذلك منذ فترة طويلة بحسب البيان ، فيما اتهمت حركة العدل والمساواة حركة مناوي بأخذ الجبايات والإتاوات عنوة من المواطنين فى منطقتي أبوقمرة والطويل وعلى إثر ذلك انفجرت الصراعات بينها والمواطنين.
معارك العربة
وتقول حركة مناوي إن مواطني المنطقة بعد أن كونوا لجانا لجمع التبرعات وأثناء شُروع اللِجان في مهامِها قامت مجموعة تابعة لحركة العدل والمساواة باعتراض عمل اللِجان وحرّضَت ضد أفرادِها وشرعَت في مقاومتِها وتوقِيف عملها بالقوة ومن ثم أطلقوا النار على أفرادها ذلك ماورد فى اليوم الأول والذى تم فيه نصب كمين لحركة مناوي مما أدى الى اشتباك الطرفين نتج عنه مقتل وجرح أعداد من الطرفين وفى ذات الاشتباك راح عدد من المواطنين ضحية لتلك الصراعات وفى ذات السياق اتهمت حركة مناوي حركة العدل والمساواة بسرقة عربة تتبع لمنظمة إنسانية تعمل بالمنطقة الشيء الذى ترتب عليه تفجر اشتباك آخر بين الطرفين راح ضحيته ثلاثة من قوات مناوي وآخر من العدل والمساواة لينتهي الصراع باسترداد العربة الى المنظمة من قبل حركة مناوي التى ترى أن المنظمة تخدم مواطني المنطقة التى تسيطر عليها.
كشف المستور
وفى خضم تلك الصراعات بين الحركتين شنت حركة العدل والمساواة هجوماً عنيفاً على مناوي اتهمته فيها بتوجيه السلاح الى المواطنين بدلاً عن النظام التى تحاربه وطالبتها بعدم الدخول فى صراع مع المواطنين بل أردفت فى لغة تحمل فى طياتها الكثير من الممارسات ربما المسكوت عنها حيث قالت: “من غير المنطقي أو المقبول أن يأتي الثوّار بما ينهون عنه ويأخذون الإتاوات والجبايات من المواطنين العزّل عنوة وبحد السلاح” بحسب البيان واعتبرت أن تلك الأحداث يتحمل وزرها من ارتكبها ربما فى خطوة تهدف الى تبرئة الآخرين، ومضى البيان مناشداً حركة تحرير السودان جناح مناوي بإطلاق سراح المواطنين المعتقلين بطرفهم على الفور، وإرشاد أهل القتلى إلى المقابر التى دفنوا فيها درءاً للفتنة، ونزعاً لفتيلها، ورغم توتر الأوضاع على الأرض فقد أوردت حركة مناوي ببيانا آخر زاد الأوضاع اشتعالاً حيث اتهمت حركة العدل بإصدار بيان متعجِّل ومجافٍ للحقيقة وقالت إن البيان لا يخلو من غرض واستطردت فى بيانها قائلة إن حركة العدل لا تحتاج إلي إصدار بيانات لمحاكمة الآخرين الذين يجلسون معها داخل غرفة واحدة، وكان يليق بها أن تُخاطِبَهم مباشرة إن كانت حسُنة النية وخالية من الغرض، خاصة وأن هذه الأحداث قد مضى عليها أكثر من اسبوعين، ولكن “الطبعُ دوماً يغلِبُ التطبُع”- على حد وصف البيان- ، ومما يحمله البيان من لغة يبدو لافتاُ لتراكم الغبن والصراع المتجدد بين الطرفين واعتبرت أن حركة العدل والمساواة لم تنتظر نتائج التحقيق التى كونتها للوصول للحقيقة بل اتهمتها بإصدار حكم مسبق على الأحداث قبل معرفة تفاصيلها.
صراعات عنيفة
وبالرجوع الى ماورد فى طيات البيانات والاتهامات المتبادلة نجد أن الكثير من النقاط المسكوت عنها فى خلافات الحركات المسلحة في دارفور بدأت تظهر الى العلن وتتضح فى أول امتحان عملي ويرجع الكثير من المراقبين الى أن ذلك الصراع القديم المتجدد هو فى الأساس صراع يدور حول تصفية الحسابات الميدانية ففي الوقت الذى تسعى فيه حركة العدل مراراً إلى أن تكون الجسم الوحيد على مستوى الميدان فى دارفور بل ذلك ما ظلت تسعى إليه على الدوام فقد سبق وأن خاضت صراعات عنيفة فى مناطق مهاجرية ولبدو وقريضة مع قوات مناوي عقب توقيع الأخير على اتفاق أبوجا فسعت الى زعزعته ميدانياً وضربه فى معقل وجوده في منطقة مهاجرية كما أنها وصفت الحركات الأخرى بالكرتونية وهذا ربما يفسر قول حركة مناوب لحركة خليل ” إن الطبع يغلب التطبُع” أي أن نوايا العدل والمساواة ضد الآخرين كشفت عن وجهها الحقيقي فربما تنذر تلك الصراعات ببداية قادم آت بين القوى المسلحة فى دارفور لاسيما أن الحركتين يمثلان أكبر فصيلين يمتلكان قوة ميدانية مقارنة مع الفصائل الأخرى بدارفور ، بيد أن جانبا آخر من الصراع يكمن حول أن العدل ترى أن الحركات الأخرى ماهية إلا صنيعة ولا تعبر عن أهل دارفور ومطالبهم.
صحيفة السوداني
تقرير: محمد حمدان
Exit mobile version