ويبدو أن أفرادا وعائلات من الجانبين سيدفعون ثمن خلافات لا علاقة لهم بها، حالهم كحال أسرة الشيخ حسن آدم فنجاك المتشعبة في كافة اتجاهات السودان جنوبا وشمالا وشرقا وغربا.
وضعية معقدة
ويؤكد الشيخ حسن آدم فنجاك المقيم بالخرطوم منذ 45 سنة، حيث تقلد عددا من المناصب السياسية المهمة كعضوية المجلس الوطني وعضوية تشريعي ولاية الخرطوم، أن تداعيات الأحداث الأخيرة فرضت على الأسر المشتركة مسؤوليات تفوق قدرتها.
ويقول إن أسرته تتألف من أفراد يمثلون مختلف بقاع السودان القديم، متسائلا “كيف نفعل معهم وإلى أين نذهب بهم”.
ويؤكد فنجاك وجود مئات من الأسر المختلطة بين السودان وجنوب السودان، ويرى أن لديها الحق في نيل جنسية الدولتين بالميلاد أو التجنس.
ويلفت في حديثه للجزيرة نت أن الأمر أكبر من المهلة المحددة لتوفيق الأوضاع، بل إنه أكبر من كل الاجتهادات السياسية وقرارات الحكومتين، حسب تعبيره.
ويتابع الشيخ حسن آدم فنجاك القول “كل مشاعرنا وعواطفنا مرتبطة بالشمال ونرجو ألا يتجاوز القانون الواقع الماثل”، مشيرا إلى صعوبة فك الارتباط بواقع تم بناؤه منذ عشرات السنين بطريقة شديدة التشابك والتعقيد.
من جانبه قال دينق أنيي، الذي جاء إلى الشمال في العام 1986، إنه لا ينوي مغادرة السودان إلا بعد الاطمئنان على تعليم أبنائه الذين يدرسون في مراحل تعليمية مختلفة.
وأكد أنه ربما يضطر إلى جعل أبنائه يواصلون تعليمهم في مدارس سودانية خاصة إذا ما قررت وزارة التربية والتعليم السودانية عدم قبولهم في المدارس الحكومية.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت “ما زلت أرى أنني مواطن سوداني، نفسيا أنا كذلك، أما قانونيا فأنا أجنبي لكن لا أحد يشعرني بأني ضمن الأجانب في السودان”.
مأساة
ويقول أنيي، وهو يجلس بين أبنائه الذين ينتمون للسودان من جهة أمهم الشمالية، إن الواقع الاجتماعي يسخر من كل القوانين والسياسات التي أفضت لهذه المأساة، مشيرا إلى أن الجنوبيين ما زالوا جزءا من “طعم” السودان وتسامحها ومن خريطتها الاجتماعية التي تتحدى الانفصال السياسي، وفق تعبيره.
ويعتقد أن المئات من الجنوبيين في الشمال لا يعرفون إلى أين يذهبون، متسائلا عن مصير الأيتام الذين جاؤوا للشمال أثناء الحرب بعدما فقدوا كل أسرهم بالجنوب وبنوا حياتهم بالشمال.
في المقابل لا يأبه المسؤولون في الدولتين لمعاناة تلك الأسر ويفرضون عليهم إجراءات لم يدر ببالهم يوما أنهم سيواجهونها مهما كان الانفصال الذي وصفه بعضهم بالكارثة.
وتبدي أسر استغرابها من أسلوب تعامل بدأ ينتهجه مسؤولون في الدولتين، بينما يقول وزير داخلية جنوب السودان ألسون مناني مقايا إن جوبا تعامل مواطني السودان بمثل ما تعامل الخرطوم مواطني جنوب السودان بالتضييق والحرمان، حسب قوله.
من جهته يؤكد مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع أن بلاده لن تسمح بوجود “طابور خامس” من الجنوبيين في السودان “أما الذين يريدون البقاء في السودان فعليهم التقدم بطلب لجوء”.
وأضاف نافع أن السودان لن يفرض على أي جنوبي الرجوع إلى الجنوب إذا كان غير آمن على نفسه، وفي هذه الحالة سوف يعاملون باعتبارهم رعايا دولة أخرى.
الجزيرة نت