ظهور (العداد):
كان الفنان ابراهيم الكاشف هو أول فنان سوداني يرفض الغناء بالمجان في الحفلات، وذلك في زمان كان فيه كل فنان يقوم بالغناء مجاناً ودون شروط، ولعل ذلك قد اسهم بشكل او بآخر في خروج بعض الاصوات المنادية بإقصاء الكاشف من لائحة الفنانين في ذلك الزمان، وذلك لعدة اعتبارات ابرزها المفهوم السائد عن الفن آنذاك، وانه يلعب دوراً رسالياً لامجال فيه للتكسب المادي أياً كان نوعه، لذلك نجد ان معظم الفنانين في ذلك الوقت كانوا يمتهنون العديد من المهن الاخرى حتى لايلجأون لفرض مبلغ مالي مقابل تغنيهم في حفل ما..لكن (الكاشف) رفض ذلك الموضوع جملة وتفصيلاً، وقام بتأسيس جزئية (اجر الفنان) تلك الجزئية التى قال انها تحفظ للفنان احترامه وهيبته، لتنتقل تلك الجزئية عبر الاجيال، ويتغير مسماها اليوم إلى (العداد)..!!
الككـو مابنطـو:
وتصريح (ساخن) جداً من الفنان الكبير كمال ترباس قبيل فترة، يحمل اعترافاً صريحاً منه بغلاء حفلاته، وارتفاع سعر (عداده) وذلك عندما قال في تصريح لأحد الصحف: (انا عدادي الككو مابنطو)..!! ولعل تصريح (ترباس) قد فتح الباب على مصراعيه للكثير من التكهنات حول مستقبل العلاقة مابين الجمهور والفنان، خصوصاً في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية، وبحث المواطن المضني عن (قوت يومه)، بينما يرى عدد كبير من المهتمين بالمجال الفني أن ارتفاع اسعار عدادات الفنانين، من شأنه ان يخلق فجوة كبيرة مابينهم والجمهور، وذلك ليس بإعتماد فرضية (المزاج)..ولكن لإعتبارات اخرى تتمثل في الحالة الاقتصادية.
إرتفاع طبيعي:
ويؤكد عدد من الفنانين أن إرتفاع أسعار (العدادات) مؤخراً، له مسبباته، وأبرزها الحالة الاقتصادية، حيث يعتقد عدد كبير منهم أن إرتفاع الاسعار في مختلف جوانب الحياة، لابد أن يقابله إرتفاع كذلك في كل شئ، حتى في أسعار الفنانين، بالإستناد على عبارة واحدة وهي (الفن جزء من المجتمع)، لذلك فمن الطبيعي أن يتحرك وفق حركة ذلك المجتمع، وهو الحديث الذى أبدى عدد من المواطنين عن عدم تقبلهم له، وذلك لإعتبارات عديدة ابرزها أن دور الفن في المقام الاول هو دور (رسالي)، وليس (تجاريا أو ربحيا)..!
ارقام فلكية:
نجد اليوم ان (عداد) الفنان قد وصل لإرقام فلكية تتراوح مابين (3 إلى 10) آلاف جنيه، ولعل هذا مادفع بالعديد من المواطنين لصرف النظر عن جزئية التعاقد مع بعضهم، وذلك طبعاً لعدم توفر القدرة المالية لإكمال تلك الصفقة، ويواجه الفنانون الشباب تحديداً إتهاماً مباشراً في انهم السبب الرئيسي في رفع اسعار الحفلات، (خصوصاً فناني الشباك).
هواجس الضرائب:
الحصول على نسب حقيقية لتعاقدات بعض الفنانين ربما اصبح اليوم امراً صعباً للغاية، وذلك في ظل (تكتم) عدد كبير منهم حولها، وهواجس (الضرائب) التى تلاحقهم، وهذا مالمسته (السوداني) خلال محاولتها استنطاق بعض الفنانين عن الارقام الحقيقية لتعاقداتهم في الحفلات، ولكن افادات المواطنين تؤكد بالدليل القاطع ان الارتفاع في اسعار اولئك الفنانين قد وصل لمرحلة خطيرة جداً، وربما اصبحت تنافس وتناطح (الدولار) نفسه..!!..وهي فرضية قد تجعلنا نتساءل عن مستقبل الفن في السودان، وتجعلنا كذلك نتنبأ بغياب كبير لبعض الفنانين عن الضوء..ليس بسبب ضعف المنتوج الفني، ولكن بسبب جزئية أسمها (العداد)..!![/JUSTIFY]
أحمـد دنـدش – صحيفة السوداني