الروح الرياضية

[ALIGN=CENTER]الروح الرياضية [/ALIGN] يحض الإسلام على اللياقة البدنية والقوة الجسمانية لهدف كبير وسامي.. وهو الدفاع عن حمى الإسلام ضد أعداءه الطامعين فيه.. ولهذا نجد الإسلام قد عني عناية فائقة بالرياضة الهادفة كالسباحة والرماية وركوب الخير وكل مايقوي عزيمة المسلم.. ذلك بإعتبار أن القوة تكمن في القوة والتسديد السديد ( الا ان القوة الرمي ).

والإسلام حين وصى بذلك لم يجعلها فرجة محضة، ولكنه طلب ممارستها لتصح بها الأجسام وتقوى بها الأبدان وتحمى من الأمراض والأسقام والعلل .. والعلل كثيرة بدء من علل الترف والدعة والخمول والإكتناز وإنتهاء الى علل النفوس والتعصب والغل والحسد ونحو ذلك .

ولما صارت كرة القدم هوسا في حياة الشعوب وأصبحت المشاهدة نوعا من الإدمان الغالب والمستحكم، فإن الإسلام لم يمنع الناس من ذلك.. لكنه أطر ذلك بان جعل التعضيد والمساندة والمؤازرة متماشية مع الخلق القويم.. حيث حض على إلتزام الأدب في الممارسة والمساندة والقول.

وغاية الأدب هي قبول النصر والهزيمة كشأن عام طالما أن هناك تنافس.. ذلك أن المسلم مأمور بإحترام أخيه المسلم على وجه العموم.. بل يعتبر الإحترام من أوجب واجبات الإخاء والتعاضد.. إذ ليس من المروءة أن يخاصم المرء أخيه في ساحة اللعب والترويح.. وهي أصلا متنفس مباح لترطيب الدواخل وإشاعة المودة… وتصريف المغالبات.

أما أن يصاحب ذلك لون من التعصب والحمية والحركات الهستيرية بحجة المؤازرة والتشجيع فذلك شأن تأباه المروءة والأخوة ولين الجانب.. بل تأباه حتى الرياضة يقيمها السامية التي تدعو الى الإخاء والروح الرياضية السمحاء وتقبل النصر والهزيمة.

أما أن يخاصم المرء فيها، فهذا شأن غير محمود ولا يتأتى إلا من أناس إنزلقوا في حمية الحماس والولاء الكاذب.. وإنساقوا خلف الأوهام الكاذبة والشعارات الألوان الخادعة .

بل بعدوا بذلك عن المعين الطيب للإسلام والخلق القويم.. ذلك أن الرياضة في أصلها تدعو الى المحبة وتزكية النفوس من الصغائر والعلل… الى جانب أنها تدعو الى إشاعة المحبة والمودة بين الناس .

لكن وللأسف الشديد لكننا أصبح الكثيرون منا يفعلون عكس ذلك.. مما يؤكد أنهم في غيبوبة الهوى وسكر التباري.. إنساقوا وراء الشعارات الخادعة والأحلام البراقة.. تلك التي اججت نار التنافس وحولتهم إحزابا وشيعا وجعلتها عقيدة راسخة إستحكمت في النفوس حتى كره الناس سواها.. وكل يعني على ليلاه .

يحدث هذا كله وغيره في عالم المستديرة عندنا.. حيث نجد التخاصم قد تفشى بين المؤازرين.. في وقت يتحابب فيه اللاعبون.. نتخاصم بأسمائهم ودفاعا عنهم.. بينما هم مع بعضهم يتضاحكون حتى في لحظات الإنهزام.. نحزن لهم وهم يتضاحكون علينا.. نغضب من أجلهم وهم يتمازحون.. نتمزق حزنا في دواخلنا بينما هم يتراقصون في الأفراح.. تتقطع أواصر الصلات بيننا وبين من أصدقائنا الذين يبدون رأيا مخالفا.. بينما يتوادد اللاعبون مع خصومهم ( رغم إدراكنا أن لا مخاصمة في الرياضة أصلا ) .

وأغلب الظن أن هذه المظاهر المؤلمة ما جاءت إلا في حياة الناس إلا من شعور زائف تغلغل في الناس من خلال سوء التصور للأمر كله.. بحيث نقل السجال والتباري الشفيف من ميدانه الى ميدان آخر قوامه التصور الخادع بأن الآخر عدو حقيقي يسعى للنيل منهم .. فتمترس الناس خلف قلاعهم فكثر الترصد.. وغاب العقل.. كثر النقل.. ودق الطبل.. وتلونت المحابر والأقلام والخناجر.. ودخل الناس في غيبوبة الولاء الأعمى والتعصب الممقوت.. فخرجت الرياضة بروعتها من حياة الناس خجلا .. وتركت شعاراتها معلقة في جدران الزمان لمن لا يقرأون .

حدث كل ذلك حينما غابت الروح السمحاء وغاب معها حسن التآخي وتقبل الآخر .. وحسن التقبل للهزيمة والنصر كذلك .. نعم حسن التقبل للهزيمة معرف لكن كيف يكون حسن التقبل للنصر؟؟ يكون ذلك بأن يكون الفرح جميلا، بان لايكون تشفيا في الآخر .. وأن لايكون مستفزا لمكامن الغل عنده.. وأن لايكون بالصورة التي تدعو للتربص .. وأن لايكون مدعاة للسخرية والإزدراء الذي يوقظ البغضاء .

بل ينبغي للفرح أن يحترم الآخر في مشاعره.. بل من الواجب تطييب خاطره بكلمات المساواة وأن يكون الفرح نابعا من معين التبصر الذي يراعي هزيمة أخي.. حتى هو سيكون فرحا لهذا الفرح النبيل رغم الهزيمة.. مستدركا أن الحال يومان يوم لك ويوم عليك .. وبهذا يمكن للأخوة أن تشيع بين الناس ويمكن للأخلاق أن تعود رياضية ريادية فينا .. قال الشاعر :-

نعيب زماننا والعيب فينا .. ومالزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب .. ولو نطق الزمان لنا هجانا

 التهنئة نسوقها لكل الرياضيين بمختلف الوانهم .. متمنين لهم جميعا الصحة والعافية وأن تتعافى الرياضة من عللها.. وأن تستدرك ما فاتها وأن يقوّم أصحاب الرأي حالها .. بتبصير الناس بالحسنى لا بتجيشهم نحو الوهم

صلاح محمد عبدالدائم شكوكو
shococo@hotmail.com

Exit mobile version