هل لاحظتم مثلي أن السيد جعفر الصادق الميرغني مساعد رئيس الجمهورية مختفٍ منذ مدة ولم يظهر في أي نشاط رسمي أو شعبي ولو كان ظهوراً تشريفياً بروتوكولياً مراسمياً، كما لم يصدر عنه أي تصريح أو تلميح حول أيٍ من القضايا الساخنة التي تمور بها البلاد، أين هو يا تُرى ولماذا لم يشكل حضوراً هو مطلوب بشدة في مثل هذه اللحظات الوطنية المهمة، هل تُراه لا قدر الله متوعك أم أنه في إجازة خارج البلاد أم أنه «حردان» لم يعجبه الذي يدور والطريقة التي يدار بها ولهذا آثر الصمت والاستعصام بالبعد، أم تراه لا يريد أن يدخل يده في «الفتة الساخنة» بل يريدها باردة سهلة التناول، فليس من الطبيعي أن يغيب رجل يحتل هذا الموقع السيادي الكبير عن واجهة الأحداث الكبيرة التي تعايشها البلاد والمخاض العسير الذي تواجهه خاصةً وأنه قد أخذ على نفسه بالأصالة وبالوكالة عن الحزب الذي يمثله بُعيد أدائه القسم مباشرةً أن يأخذ بيد البلاد ويخرجها إلى بر الأمان عهداً ووعداً منه ومن حزبه بعد قبوله المشاركة في الحكم مشاركة فاعلة ومسؤولة وفعلية ونافذة وليست صورية أو ديكورية أو فلكلورية أو هامشية، وأن حزبه لم يقبل المشاركة وهو شخصياً لم يقبل المنصب إلا من أجل التصدي للقضايا الكبيرة التي تأخذ بخناق البلاد والسعي لحلحلتها بما يجلب السلام والاستقرار للوطن ويحقق الرفاه للشعب، فمتى إذن يظهر السيد مساعد الرئيس ويسجل حضوراً بارزاً ولافتاً في قلب الأحداث إن لم يظهر الآن ويعلن عن نفسه وتوجهات حزبه ورأيه في كل الذي يدور الآن، وهل هناك قضايا كبيرة أكبر من هذه التي يحمى حولها وطيس الجدل وتصطرع حولها الآراء وتتباين المدارس وتنقسم الصفوف إلى فسطاطين، فسطاط الحرب والخراب والدمار وفسطاط السلام والبناء والنماء، فسطاط العنصرية والشوفونية والأحادية وفسطاط الديمقراطية والتعددية والحقوق…
إننا نخشى أن تكون كلمات السيد المساعد التي أكد فيها أنهم لن يكونوا «تمامة عدد أو جرتق» مجرد كليمات للاستهلاك كان يعلم هو في قرارة نفسه قبل الآخرين أنها مجرد كلام والسلام، ولن يحظى هو وحزبه بأي قدر من المشاركة الحقيقية والفعلية، ولن يكون لهم أي أثر أو تأثير على مجريات الأحداث والسياسات، لا هو وحزبه المشارك ولا رفيقه المساعد الآخر عبد الرحمن الصادق المهدي الذي لم يكن وضعه في مؤسسة الرئاسة بأفضل منه حيث لم يتعد دوره حتى الآن تشريف بضعة إحتفاليات وحفلات عشاء في الوقت الذي تشهد فيه البلاد كل هذه المعضلات الخطيرة التي لن تنفع معها أساليب «الخندقة والصهينة» فالتاريخ لا يرحم، وعلى المساعدان أن يختارا بين «رحمة» الانقاذ وغضبة التاريخ…
الصحافة
بشفافية
حيدر المكاشفي