بت الحلال (٣-٦)

[ALIGN=CENTER]بت الحلال (٣-٦)[/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]ظل هم (الرضية) وشغلها الشاغل هو التفكير في تأمين مستقبل (سلمى) منذ أن شبت عن الطوق وصارت صبية باهرة الجمال، فقدّرت أن أفضل خياراتها هو (حسن) ابن شقيقة زوجها (خديجة)، فبالاضافة لانه كان يرعى شئون عمه الشيخ المسن حاج (اللمين)، ويقضي بالانابة عنه حاجات واحتياجات اسرته الصغيرة، فقد لاحظت (الرضية) اعجابه الواضح بـ (سلمى) وكثرة مماحكته لها ومحاولاته الدائمة لافتعال المواضيع معها كلما جاء لزيارتهم في البيت .. لم يكن يقلقها سوى احساسها بكراهية (خديجة) لـ(سلمى) والتي كثيرا ما كانت تفشل في اخفائها عن عينيي (الرضية) .. أما ما كان يربك تخطيطها ومحاولتها لزرع تلك الفكرة في رأس (سلمى) واقناعها بها، فهو الاستهجان والنفورالذي كانت (سلمى) تلاقي به تلك المحاولات .. فكلما داعبتها بـ (عريسك حسن) عندما تجي بذكره أمامها كانت (سلمى) تشيح بيدها قائلة:
عريس شنو يا أمي .. أنا أبرا منو .. حسن ده واحد راسو فاضي ما عندو شغلة غير مشاغلة البنات.
فما لم تكن تعلمه (الرضية) بعد أن اخفته عنها (سلمى) مراعاة لمشاعرها ورغبة منها في عدم صنع المشاكل داخل الأسرة، هو أن مماحكات (حسن) معها لم تكن من نوع الدعابات البريئة التي تكون بين ابناء وبنات الاسرة الواحدة، لذلك كانت تصده بقسوة وحزم فلم تشعر يوما بانه ينظر لها بعين الاحترام والتقدير أو يفكر فيها كزوجة للمستقبل.
شاءت الاقدار أن تُؤجل تلك الفكرة إلى حين .. فقد حملت (الرضية) صينية (الشاي) ذات صباح ودخلت بها على حاج (اللمين) في الغرفة .. إستغربت عندما وجدته ما زال ساجدا على مصلاته فوضعت الصينية على الطاولة ثم جلست تنتظر ولكن قلبها الذي حدثها بحدوث مكروه دفعها لان تنادي عليه:
يا حاج .. مالك طولتا السجود؟
زاد قلقها عندما لم يتجاوب معها .. تقدمت منه وهزت كتفه في قلق فمال وسقط على جنبه دون حراك.
ادخلت وفاة حاج (اللمين) الحزن على قلب (سلمى) وبكته كما تبكي البنت اباها الحبيب .. انتابتها الهواجس لفقدانها صمام الامان بوفاته وأمسك بتلابيب قلبها الخوف فلاذت بحضن أمها (الرضية) تشاركها الأحزان وتستمد منها القوة لمواجهة المستقبل المجهول، ولكن يبدو أن باب الاحزان لم يزل مشرعا ولم يإن أوان اغلاقه بعد، فقد تدهورت صحة (الرضية) خلال الشهور التي تلت وفاة زوجها واسلمت نفسها لمرض تضاربت أراء الاطباء في تشخيصه دون أن يجدوا له العلاج الناجع.
نادت (الرضية) بصوتها الواهن على (خديجة) التي لم تغب عنهم منذ وفاة شقيقها وسقوط زوجته طريحة الفراش، اقتربت منها وانحنت لتسمع منها ما تريد، فاشارت لها (الرضية) بيدها إلى الفراش كي تجلس بجوارها وهي تقول:
اقعدي هنا جنبي يا خديجة اختي .. الدنيا ما معروفة ودايرة اوصيك بي وصية….
قاطعتها (خديجة) بصوت عالي:
وصية شنو كمان؟؟ هوي يا مرة بطلي الخوف ده .. مالك تحمدي الله سيدك ما عندك أي عوجة !!
قالت (الرضية) بصوتها الواهن:
اسكتي .. ما تلعلعي بي حِسّك العالي ده لمن تسمعنا سلمى .. الوصية حق وأنا دايرة أوصيك بي شيء .. إن متّا وللا عشتا .. أنا خليت ليك سلمى أمانة في رقبتك ما تفرطي فيها وتخليها زي واحدة من بناتك.
اشاحت (خديجة) بعينيها بعيدا عن عيني (الرضية) وقالت بتوتر:
سلمى زي بناتي وواحد بللا ما توصيني عليها .. هسي ابقي انتي في داب رقبتك وعافيتك.
اشارت (الرضية) بيدها:
خليني اتم كلامي يا خديجة عليك الله .. ثم بعد تردد واصلت:
سلمى أنا خليت ليها البكفيها ويغنيها بعدي .. دهبي ومالي وحالي كلو ليها .. لكن كنتا دايرة ليها ود الحلال البمسك راسا وما لقيت ليها الاحسن من ولدك حسن.
الجمت المفاجأة لسان (خديجة) برهة قبل أن تقول:
هسي الكلام ده ما وكتو .. الله يقومك بالسلامة وبعدين نشوف الببقى.
قالت (الرضية) باصرار:
ما تتزاوغي مني زي (ود الموية) .. أنا عارفة كلامي اشتر ومافي مرة بتخطب ليها راجل عشان يعرس بتّها .. لكن ريحيني الله يريحك دنيا وآخرة .. سلمى تراها بتكم كلكم .. اتربت تحت ايدينكم .. وانتي براك بتعرفي ادبا واخلاقا الما فيهم قول .. دحين سوّا شورتكم وإن بقيتو علي كلامي .. يبقى خير البر عاجله .. أحسن نعقد ليهم الخميس الفي وشنا ده ! [/ALIGN] لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
Exit mobile version