أ.د. معز عمر بخيت

عشقت الشعر يا سلمى لأن الشعر يهواك

[ALIGN=CENTER]عشقت الشعر يا سلمى لأن الشعر يهواك[/ALIGN] لا زال للفصول عطر جديد يأتي على أعتاب الزمن الحالم بالعطاء الأنثوي الفريد، ولا زلت أتحدى غصون التوقع أن تنتظر فرح المداخل حين تأذن بالخروج من بوابة الشجن مداخلاً لحلم جميل. أسعد كثيراً حين ارى المرأة السودانية وهي تتحدى الإحباط وترسم على جدران الحياة لوحاة زيتية لابداع لا ينقطع وهو أمر جدير بالوقوف والتأمل والدعم.
إصدارة جديدة رائعة بعنوان (القصة كانت) للشاعرة سلمى على محمد الحسن صدرت في مجموعة أنيقة عن دار أوثر هاوس البريطانية (Authorhouse) ويستطيع القاريء الحصول عليه من موقع الناشر ومن موقع أمازون على الانترنت.
لما قال الناس (جننتَ) …صرختُ (نعم)
ما الشاعر إلا مجنون
أعقل من كل العقلاء !!
لما كثر كلام الناس عن اللاحبّ
وضقت بهم
أغلقت الباب تركتهم
وذهبت هناك
هناك لدنيا
لا تعرف إلا الشعراء
وفتحت الباب ووجدتهم
وجدت الشاعر والأقلام
وبعض الأوراق مبعثرة
هنا وهناك
وكان هناك
وقصدت (الشيخ) أحادثه
عليّ احظي بالحكمة
أو بعض الكلمات
أهلا يا شيخ الشعراء
أهلا بالشاعر والعاشق والفنان
كلماتك تسكرني فرحا
كلماتك تملاني ألما
كلماتك يا شيخ العشاق
رسائل
تملؤني حبا أملآ فرحا
لكن الأمل بعالمهم
هو نسج خيال
والحب بعالمهم أضحى
وهم ومحال
عالمهم تملؤه الأحقاد
وكل القبح وعالمنا
يا شيخ جمال
هل نحن جناة إذ نعشق
أم نحن خطاة حين نخيط العشق
وننسج حول القلب خيوط الحب
ونهوي في كل الأحوال؟
في شاعرية متألقة تتدفق الأحرف متناغمة تناجي نرجسة وشمعة ودمعة ونجمة تسافر في فضاء القصيدة وترسم على حافة الإدراك نخلة وبريق. إنه هذا شعر جميل ينساب في دواخلك كالعشق ويفيض بها نغماً حنيناً. به بساطة ورومانسية ندية تخاطب الوجدان في وله استوائي الفرح وربيعي التكوين ومداري الحضور فتحس منذ الوهلة الأولى أنك تقف على عذوبة ساحرة. يحملك الدفء فيه في هدوء وأناقة لبيت من ورد فتنام على ضوء القمر في ليلة صيفية المزاج، تحتضن شعاعاً متمرداً لتجد نفسك عند الصباح قد تحولت إلى سنبلة:
مغرورة أنتِ ولكنّي
أحب بك الغرور
وجميلة أنتِ
ويقتلني أنا الحسن الجسور
وقوية أنتِ
ويسكنني أنا الضعف الكبير
مغرورة أنتِ
ولكن فيك شيء
يستفز مشاعري
شيء يحركني
يجرجرني يزلزلني
ويجعلني أدور
وقويةٌ أنتِ
ولكن فيك شيء
ناعم مثل الحرير
شيء يكابده الرجال
على مدى كل العصور
شيء خطير
مثل بركان يريد الانفجار
وفي ثوانٍ قد يثور
عيناك حين أُطل في الأغوار
يملئني التحدي
ثم في الأغوار
أوشك أن أغور
وأنا أدور
وتدور بي روحي
فلا أدري أنا ماذا يصير
تلك الفتاة تشدني
وتهزني.. وتخيفني.. وأحبها
تلك الفتاة تثيرني
وأنا الذي
ما كنت أهواه الغرور
إن الرجال جميعهم
يدرون ما معنى كلامي جيداً
حينا أقول
مغرورة أنت
ولكني أحب بك الغرور
هذا الغرور معذبي
فلتستمري في الغرور
فلتستمري في الغرور.
سلمى شاعرة وكاتبة منذ الطفولة. كانت لأسرتها اثراً كبيراً في نشأتها الأدبية، فوالدتها تكتب وتحب الشعر ووالدها البروفيسر علي محمد الحسن أيضاً محب للآداب عامة وللشعر بصورة خاصة. لسلمى العديد من المساهمات الأدبية عبر مراحل دراستها حتى توجت موهبتها الفطرية بدراسة الأدب بجامعة الخرطوم كلية الآداب حيث تخرجت فيها ببكلاريوس الأدب الإنجليزي مع مرتبة الشرف، ثم نالت درجة الماجستير أيضاً في الأدب الإنجليزي برسالة عنوانها (الرومانسية في الشعر الإنجليزي)، وتواصل سلمى دراستها لنيل شهادة الدكتوراة في الأدب الرومانسي أيضاً وتقيم الآن بالولايات المتحدة الأمريكية.
حين رأيتك بعد غياب دام سنين
أحسست بأني عدت فتاة في العشرين
تحمل في القلب الحب وكل حنين
لا تعرف إلا حبك يتغلغل في قاع القلب
ويمحو كل الآلآم
ويجلب معه دوما كل الفرح وأحلي الأحلام
حين رأيتك بعد غياب دام سنين
أيقنت بان الحب الصادق ليس يموت
ولا ترديه قتيلا الآف الطلقات
الحب الصادق يحيا رغم الشوك ورغم النار
والحب الصادق يصمد رغم الإعصار
الحب الصادق يبقي
لا يعرف أبدا معنى الموت
يعيش قويا حتى
عند الموت وبعد الموت ومهما صار.
سلمى أيضاً إعلامية ناجحة، فبالإضافة لكونها أستاذة جامعية تدرس الأدب الإنجليزي عملت سلمى كأخبارية تقدم الأخبار باللغة الإنجليزية بالتلفزيون القومي بالسودان وكذلك عملت مراسلة لتلفزيون دبي وقدمت العديد من البرامج باللغتين العربية والإنجليزية. ديوانها الذي أقدمه هنا هو أول مجموعة شعرية لها وفيه رسالتها التي تتؤمن بها وهي رسالة للحب والتعبير عنه دائماً كما لها كتاب آخر تحت الطبع باللغة الإنجليزية.
لا ما نسيت
وكلما سارت خطاي
أرى إليك أنا أسير
لا ما نسيت
في كل يوم كنت اسمع
صوتك المملوء
بالدفء الحزين
والله أني كنت اسمع
تلكم الكلمات
في صمتي وفي جهري
خلال الدرس بعد الدرس
عند النوم طول اليوم
كنت أحسه بدمي
يؤرقني، يسهّدني
ويوقظني، ويبكيني
ويفرحني،
يذكّرني بأني هاهنا
في القلب أحي هاهنا
وأقول أني قد نسيت!
لا ما نسيت
بل انشطرت إلى اثنتين
قسمت نفسي لاثنتين
هذي تعيش مع الورى
تمشي وتحيا كل مايحيوه
تضحك ساخرة
تتصنع البسمات والضحكات
يملؤها الغباء
والثانية
تحيا وراء الباب
تعشق ذلك الرجل الطفوليّ المهاب
تهواه تترجاه تتمناه لو يأتي ليأخذها
يطوقها…بكل الشوق يحضنها
ويحملها هناك إلي السحاب
سلمى تقدمها أحرفها على لوحة زاهية ملونة بالنقاء ومضمخة بالدهشة، فاحلموا معها بجدول رقراق فهي في حقل الإبداع فراشة تمنح المدى البوح والرحيق.
مدخل للخروج:
هواك غريبٌ جداً إذ يتربع منذ سنين فوقَ العرش ويشرق في دنياي بغير أفول.. وعجيبٌ حبك جدا إذ يتعدي كل حدود المنطق والمعقول.. يتعدي العقل إلي اللا عقل يسافر فيّ يلخبط كل خطوط العرض يغير كل خطوط الطول.. وهواك جريءٌ جدا إذ يجعلني أهذي بين الناس وأسأل عنك وأنسي اللائق والمقبول (سلمى علي محمد الحسن).

معز البحرين
عكس الريح
moizbakhiet@yahoo.com