بعد مؤتمر التعليم … مطلوب ضوابط تحدد مسار ومستقبل ورسوم التعليم الخاص

[JUSTIFY]تابع المواطنون جلسات مؤتمر التعليم باهتمام ،باعتباره من القضايا التي تهم وتؤرق كل أسرة ،خاصة وان إنعقاد المؤتمر يؤكد اهتمام الدولة بمسار التعليم، والذي عبره يتم تخريج ابناء المستقبل وتأهيلهم لقيادة البلاد الذي لا ينسى إلا بالعلم. لقد كان السودان في مقدمة الدول التي زاوجت بين التعليم والتربية بتأسيسها لمعهد التربية بخت الرضا ،الذي كان منارة علمية قاد العمل فيه أساطين التعليم وأفذاذ المعلمين وهم كثر ،عكفوا على إعداد المناهج التي تلائم »الناشئة« والبيئة والعادات والتقاليد والتاريخ والأعراف والاستعداد والاستيعاب الذهني للطلاب. وكان هذا سبب نجاح تلك المناهج ،مما دفع بعض الدول للإقتداء بنا ، بل والإستعانة ببعض الاساتذة العلماء والخبراء لوضع »مناهجهم« ونقل بعض »مناهجنا« لتدريسها في »معاهدهم«. كما اتسعت الاستعانة بالأساتذة السودانيين خاصة في دول الخليج والسعودية وهم الذين أرسوا العملية التعليمية هناك، بل إمتد »الطلب« لإيفاد المزيد من المعلمين للدولة الافريقية في شتى مراحل التعليم. وهناك اسماء خلدها التاريخ وعلى سبيل المثال الاساتذة عبد الرحمن علي طه، ومندور المهدي، بروفيسور عبد الله الطيب، وحمزة حسين العبادي، وأحمد بشير الجبلابي، وزين العابدين الطيب، ومحمد محجوب، ومحمد أحمد عبد القادر.. إلخ.
وكان لغالبية أولئك الاساتذة مؤلفاتهم التي تعج بها مكتبات الداخل والخارج. أما بالنسبة للمؤتمر نتمنى أن يتمخض عنه إعادة النظر في المناهج الحالية بداية بمرحلة الأساس ،حيث لا يعقل ان تضم مناهج العلوم مئات الصفحات التي تزدحم بنظريات وتجارب علمية »جاهدنا« نحن الكبار في فهم محتواها لنتمكن من شرحها لأبنائنا ولأحفادنا ،إلا أننا لم نتمكن من استيعابها ،فكيف بهم »هم«. وهذا ينسحب على الكثير من المناهج إلا أنني اركز على التربية الدينية .واسأل كيف لطفل في العام الثاني في مر حلة الأساس -أي السنة الثانية – ان يحفظ السور القرآنية »الكبيرة« التي لا يستطيع قراءتها ، ناهيك عن حفظها. اما اللغة الإنجليزية لطالب »الصف الثاني أساس« نفسه »حدث ولا حرج« فالمنهج غاية في الصعوبة حتى »للمتحدثين بها« ،حيث يجد الطالب صعوبة في نطق الكلمة ثم معناها ، وهناك صعوبة في فهم »الدروس« »Lessons« مما دفع غالبية الأسر للاستعانة بالدروس الخصوصية وارهاق ميزانياتها، ألا يدعونا ذلك لمراجعة السلم التعليمي الحالي!
ختاماً هناك قضية مهمة بالنسبة للمدارس الخاصة التي تواكب مصروفاتها زيادة، وصعود قيمة العملة الصعبة التي هي دوماً وكل عام دراسي في تصاعد يصل »100%« ،كما الحال بالنسبة لمدارس دول الخليج »الخاصة« حيث الدخول مرتفعة لارتباطها بعائدات النفط، وبالرغم من ذلك لا توجد رسوم دراسية بل بالمجان في كثير من المدارس »الحكومية« التي ترعاها الدولة ،بينما الذين يدفعون بأبنائهم إلى تلك المدارس »عندنا« من ذوي الدخول المحدودة »بالسودان«، حيث تسهم كل الأسرة في سداد الرسوم الدراسية وأحياناً »يتخلف« البعض عن السداد وتأجيل مواعيده إلى »ميسرة«. ولك ان تعلم بان رسوم طالب »ثانية اساس« اكثر من اثنين ألف جنيه »ياللهول« والسؤال.. كيف يتم تحديد الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة.. ثم ما دور سلطات التعليم الخاص في ذلك .. هل هناك رقابة على تلك المدارس التي اصبح لها عشرات الفروع دليلاً على »الربحية« ولا نريد لأحد ان ينبري بالرد على ان من يدفع بأبنائه إلى المدارس الخاصة ،عليه ان يتحمل مسئوليته لوحده، والكل يعلم ان السبب هو ان التعليم العام في حاجة لإصلاح لتدني مستويات بعض المدارس ونقص الكتاب المدرسي رغماً عن الجهود التي تبذلها وزارة التربية لمعالجة المشكلات. اما الموضوع الأخير الذي نتطرق إليه بحسرة ان مدارس التعليم الخاص درجت كل عام على إقامة حفلات التخريج في الاندية الفخمة بدعوى توزيع »الدرجات« و»الشهادات«، ويتم فرض »مائة جنيه« أي والله ،على كل تلميذ حتى تتمكن اسرته من المشاركة واستلام الشهادة، وإلا فلا مجال لدخول الأسرة .وكما يعلم الجميع فإن تلميذ مرحلة الأساس يظل متشوقاً لحضور الإحتفال »كإحتفال« و غناء وتغيير وحسب عمره الصغير يطالب اسرته بسداد المبلغ ، وإلا فإن العقوبة ستناله ويظل في حالة الحاح دائم إلى أن تتم الإستجابة لمطلبه ،علماً بأن العدد المحدد للدخول للحفل ثلاثة أشخاص بينما يدفع كل فرد اضافي مبلغ خمسين جنيهاً.. يا للاستنزاف.
وهنا نطالب بالغاء حفلات أو إحتفالات التخريج وتوزيع الشهادات بالاندية بالنسبة للمدارس الخاصة. وسرنا أن هناك اتجاها لذلك من الجهات المسئولة بولاية الخرطوم.. فإن ذلك ما نهدف إليه خاصة وان الاحتفالات ما هي إلا »هرج ومرج« وتقييد للأسر وزيادة لأعبائها من ترحيل وإعداد و جبات، بينما يستمر الحفل من الساعة العاشرة صباحاً حتى الثالثة ظهراً تتكبد الاسر »الأمرين« لحضوره وبالرغم من ذلك تكون المفاجأة عدم توزيع الشهادات.
نسأل الله ان يعين القائمين على أمر التربية والتعليم .وان يعيد لمدارسنا ومناهجنا مجدها ،خاصة ونحن نملك افذاذ المعلمين، وأغنى الخبرات .آملين ان نعيد التعليم إلى عهده الذهبي. مؤكدين اننا كنا ضد التعليم الخاص ،بل نطالب بتدخل الدولة ووضع ضوابط تحدد مساره ورسومه..
[/JUSTIFY]

صحيفة الراي العام

Exit mobile version