خلال الانتخابات الاخيرة الرئاسية والبرلمانية التي أجراها المؤتمر الوطني واكتسحها على النحو المعروف للجميع، كان ان راجت الكثير جداً من النكات والطرائف التي تسخر من الطريقة التي أجريت بها تلك الانتخابات والمحصلة التي إنتهت إليها والمفارقات التي شابتها حين تبدلت الرموز الانتخابية و«إنبدلت» وجاطت الامور «وتدغمست» فطارت الحمامة ولم ترك وإنسخط النمر فأصبح حصان و«كشَّ» القطر فصار عجلة، وغيبّوا الحاضر، وأحضروا الغائب وفرّقوا حتى بين المرء وزوجه وجعلوا إخوته وبنيه يفرون منه فرارهم يوم القيامة، كما حدث مع المرشح عبد الله دينق نيال الذي فقد حتى أصوات أهله الاقربين في المركز الذي صوتوا فيه، بل أن تلك «الهلمة» أخرجت مولانا محمد عثمان الميرغني من صمته وقلة كلامه وحوّلته من شيخ سجادة مهيب الى «نكتنجي» ضليع عندما صعقته وأذهلته النتيجة الصفرية التي حصل عليها حزبه في دوائر كسلا معقل المريدين والاحباب وحصن الختمية الحصين ومرقد سيدي الحسن وهو الذي كان قبل أيام يتباهى ويزهو ويتفاخر بالحشود الحاشدة والألوف المؤلفة والقلوب المؤتلفة التي هبت لاستقباله وهتفت لحزبه وغازلت عيونه بالنسيب المحبب للحسيب النسيب «نظرة يا ابو هاشم»، فتساءل مستعجباً ومستنكراً «وأين ذهبت كل تلك الحشود، هل شالها القاش»، ثم أضاف بتعجب اكبر «مع أن الوقت ليس وقت فيضان القاش»، ومن النكات أيضاً أن أحد « الشمشارين» كان يقف على مقربة من أحد مراكز الاقتراع وبالقرب منه أحد الادروبات، يرصدان ويتابعان المشهد الانتخابي، فلفتت نظر الرجل غنماية عبثاً حاول العسكري طردها من الولوج الى داخل المركز، كلما طردها عادت أكثر إصراراً الى أن غافلته ونجحت في الدخول، قال الرجل لادروب وقد حيّره المشهد: الغنماية دي مُصرة تصوت ولاّ شنو، قال أدروب بصيغة الواثق من أمر هذه الغنماية العنيدة: لا أبداً دي جاية تاكل الشجر المليان في الصناديق، وكانت الشجرة هى الرمز الانتخابي للمؤتمر الوطني…
غير أن من أبرز النكات التي لها علاقة مباشرة بموضوعنا تلك التي آخى فيها كلٌ من الترابي زعيم الشعبي ونقد زعيم الشيوعي بين غندور ومندور وفرفور بعد ان نشط وانخرط هذا الاخير وهو مغني معروف في الحملة الانتخابية لحزب المؤتمر الوطني واحتل هو وآخرين مكان قيقم وشنان ومحمد بخيت الذين تم لفظهم بعد إنتهاء مرحلتهم وبعد أن أصبحوا كروتاً محروقة وجب إستبدالها بنجوم اليوم، وقد استرعى إنتباه الترابي نشاط فرفور السياسي وراعه ما يحدث فقال ساخراً لقد أصبح المؤتمر الوطني يضم مندور وغندور وفرفور، ويقال أن الثنائي مندور وغندور كلفا من قبل الحزب بالذهاب الى نقد والتفاوض معه حول الحكومة العريضة، فذهبا اليه في منزله وطرقا الباب، فأستقبلهما نقد بترحاب واستغراب قائلاً أهلاً مندور وغندور ولكن أين فرفور لماذا لم يأت معكم، والشاهد هنا أنه ما ذكر مندور وغندور إلا وكان فرفور ثالثهما، فلماذا يتركانه الآن وحيداً يواجه إذلال ذلك الامام الذي دمغه بالفسق وطرده من صف الصلاة الامامي، لماذا صمت غندور ومندور عن الذي حدث لفرفور، لماذا لم يتصدى المؤتمر الوطني لصلف وتطرف ذلك الامام الذي أهان أحد حداة ركبه، إننا والله نخجل للحكومة وحزبها أن تعجز من مواجهة مثل هذا التطرف اذا حدث مع أى مسلم دعك من أن يحدث مع مغنيها الاول وعلى فرفور أن يأخذ العبرة ممن سبقوه قيقم وصحبه بأن يدع السياسة ويتفرغ للفن والغناء فذلك حسبه وتلك معرفته وكلٌ ميسر لما خلق له
بشفافية
حيدر المكاشفي
الصحافة