بدائل حمدي
وشملت البدائل التي طرحها حمدي من أجل إخراجه من الوضع الراهن، وتجاوز تداعيات انفصال الجنوب أولاً: الخروج من السياسة الانكماشية الحادة التي ظهرت آثارها جلياً في سعر الصرف بسبب السياسة النقدية الانكماشية، في الوقت الذي بلغ معدل النمو (1.2%)، ووصفه بالضعيف جداً، وقال إنَّ المعالجة تتمثل في التوسع الاقتصادي.
تحرير سعر الصرف
وأوضح حمدي أن البديل الثانى يتمثل في استقرار سعر الصرف وسعر الجنيه مُقارنةً بالسوق الموازي، وناشد بتحرير فوري لسعر الصرف وإعلان سعر خاص لكل الصادرات بشرط أن يكون سعرا واقعيا، البديل الثالث جذب الاستثمار الخارجي خاصة المتعلق بالجانب المالي، وأشار إلى أنه بلغ (300) مليون دولار مالي العام 2007م، تبخرت تماماً، وأشار إلى أن شهادات شهامة التي بلغ عائدها (11) مليار دولار، تمثل (40%) منها استثمارا خارجيا، وطالب بطرح الصكوك واتباع النظام الإسلامي، وقال: هنالك مؤسسات إسلامية كالبنك الإسلامي وبعض البنوك العربية جميعها فقدناها.
تعديل السياسات المالية
وأوضح حمدي أن البديل الرابع تعديل السياسات المالية، وطرح الاستدانة من الجمهور والمؤسسات المالية، وزيادة الاستدانة الخارجية، ويمكن إرجاؤها الى حين النظر في الديون الخارجية، وأكد أن زيادة الضرائب في الوضع الراهن لا تكون في صالح الاقتصاد السوداني، باعتباره في حالة هبوط، بجانب أن تعطيل الاستيراد يضر بالوضع الإقتصادي.
وختم حمدي عن البدائل بالتمويل الاصغر، الذي طالب بالتوسع فيه بصورة اكبر، وأوضح أنه يمثل (40%) من الاقتصاد المتحرك، خاصةً في قطاع الخدمات في مقدمتها النقل والمواصلات والاتصالات، وقال: هذا ملجأ لتغيير الاقتصاد على المدى القصير، وأشار إلى أن (60%) من الاقتصاد الاندونيسي يأتي من القطاع الخاص الصغير والمتوسط.
المشكلة الحقيقية
من جانبه، قال د. خالد التجاني النور الخبير الاقتصادي، إنّ المشكلة الحقيقية هي إدارة الاقتصاد، وأضاف: لا يمكن أن يحدث تغيير دون تغيير في هيكلة الدولة والنظام السياسي.
وأوضح د. سيد علي زكي وزير المالية الأسبق أن مشكلة الاقتصاد السوداني نتجت من تعطيل قطاع الاقتصاد الحقيقي (الزراعي والحيواني)، وأضاف: إذا عملت الإدارة الاقتصادية من غير حساب للآثار السالبة فإنّ هذا يفاقم المشكلة ويزيدها، وأكد أن المستثمرين العرب ليس هم الحل، وأن المسألة ليست جلب أموال وصرفها، وتساءل: أين يتم صرفها؟ وقال: يجب أن تأتي الأموال من موارد حقيقية، وان تصرف في أوجه صرف حقيقية، وأشار إلى بعض المبالغ المذكورة في الحديث، وقال: أين أثرها في الاقتصاد. وأوضح أن زيادات سعر الصرف التي أعلنت بعد التحرير وغيرها من ضرائب وقعت على المنتج والمستهلك، وطالب د. زكي بشراكات واستثمارات تتسم بالديمقراطية.
الحل العاجل
من جهته، طالب د. محمد الناير الخبير الاقتصادي، النظر بتَمعنٍ للوضع السياسي والأمني وربطه بالاقتصاد، وقال: حتى يحدث استقرار اقتصادي لابد من إزالة التعقيدات، وتابع: لجنوب كحردفان دلالات، خاصةً على مفاوضات السادس من مارس مع حكومة الجنوب، وتساءل عن وضعية المفاوضات فى ظل التعقيدات الحالية ومحاولة الاطراف لكسب أرضية، وتوقع الناير تغيير ميزان القوى العالمي مقبلاً، وأشار إلى عدم استخدام الصين لحق «الفيتو» في كثير من المواقف، وقال ان التغيير فى قواعد اللعبة الدولية تغيير بالاقتصاد وليس بالقوة العسكرية، واكد الناير ان الحل العاجل يتمثل في القرض المتوقع، الذي أعلن عنه وزير المالية، وأوضح أنه لا يعني الحديث عن القرض القطري، وقال: هنالك حديث آخر للوزير عن قرض قادم قريباً، واشترط الناير أن يكون القرض في إطار (3 – 4) مليارات دولارات حتى يعيد التوازن لفترة ما، ويؤدي إلى إستقرار سعر الصرف في الفترة الحالية والناس في أمَسّ الحاجة لذلك، وناشد بتقديم الحوافز المشجعة للصادر والتصنيع الزراعي والحيواني والمشروعات المشتركة بينها، بجانب إحداث تغيير فى تعدين الذهب العشوائي، والاستفادة من ميزاتها وميزات التعدين المنظم من جانب آخر، وأشار الى أن الذهب يأتي ضمن المكونات النقدية وهذا لا يوجد في البترول، وتابع: لابد من التعامل مع دول الجوار بما يحقق عائدا للميزان التجاري وليس التعامل على الأساس السابق خاصة مع دولة الجنوب.
وطالب بمعالجة قضايا القطاع الخاص، وألاّ يكون خروج الدولة منه مجرد شعارات، وناشد باستقرار سعر الصرف والاستفادة من تحويلات ومدخرات المغتربين، حتى يدخلوا بها في مشروعات ناحجة، بجانب الاستفادة من ميزات البلاد السياحية وأخذ البحر الأحمر كنموذج يجب أن تتحرّك بقية الولايات بميزاتها النسبية في هذا الاتجاه، وطالب الناير بالمحاسبة وإحكام الرقابة، بأن يحاسب أي شَخص قام بوضع برنامج وفشل لأسبابٍ تتعلق بالبشر وإدارته، وقال: اتفق قليلاً مع مقترح حمدي بتعديل البرنامج الى توسعي، وأوضح أن لذلك إشكالات خَاصّةً على الشرائح الضعيفة، لانها تزيد التضخم وهذا يزيد من التعقيدات.
من جهة أخرى، أكد د. فتح الرحمن علي ممثل بنك الاستثمار المالي، أن البدائل الاقتصادية المحلية هي الأجدى والأسرع، بحكم أنها سهلة وفي أيدي الناس، وأضاف: نحتاج الى دور جديد للدولة وتدخل مباشر في القطاع الإنتاجي، ليس في جانب الشركات الحكومية، بل في شركات القطاع الخاص بتشجيعه وتقديم الدعم اللازم له، خاصةً في الأماكن ذات القصور الواضح، وتابع: هذا من شأنه أن يدعم أسواق المال وآلية الاقتراض الداخلي وإيجاد موارد مالية للدولة، بجانب التركيز على إرجاع القطاع التعاوني الذي أهمل كثيراً، ولابد من الحديث عن قطاع منظم يأتي بشكل جديد ومختلف في شكل شركات بأسهم يتم قيدها بالبورصة المحلية بأن تعمل فى مجالات انتاجية مربوطة بخطة انتاج وتسويق، حتى يتم ربط القطاعات الصغيرة بالشركات الكبيرة وتذليل عقبات التمويل، حيث اصبح تفكير المنتجين محصوراً في كيفية توفير التمويل.
وقال د. أحمد التجاني صالح السفير، مستشار وزارة التجارة السابق: اذا صحت مقولة أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، فنحن في حاجة لمعالجة اوضاعنا الاقتصادية والسياسية، بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، هذا على الإطار العام، وأكد أن (الفاس وقع في الرأس)، وأن البرنامج الثلاثي يحتاج لمزيد من التنسيق من الجهات ذات الصلة بإشراكها جميعاً في ادارة البرنامج وتنفيذه وتفعيله، بجانب إحكام سد الثغرات ومعالجة أوجه القصور، بإدارة ذات كفاءة للموارد خاصة السلع الثماني المذكورة فى البرنامج (4) للصادر و(4) للوارد، إضَافَةً الى قيام التمويل الأصغر على الصيغ الإسلامية، التي منها المضاربة.
تطوير القطاع المطري
وطالب محمد ابراهيم كبج الخبيرالاقتصادي بتطوير القطاع المطري، وأشار الى سوء إدارة موارد البترول السابقة، وأوضح أن حد الفقر والمحدد بـ (114) جنيهاً بلغ في شمال دارفور (69%) العام 2009م. وأضاف: أكيد ازداد في ظل الوضع الراهن، وناشد للاهتمام بالقطاع المطري حتى يستطيع اصحاب هذا القطاع من توفير قوتهم على الأقل.
واكد قنديل ابراهيم قنديل، أمين امانة العلاقات الخارجية باتحاد اصحاب العمل، ان العلة في الانتاج، وعارض سياسة التوسع في الاقتصاد وفتح السيولة، وناشد بتوجيه السيولة والشهادات للانتاج، وأوضح ان القطاع الخاص ضعيف جداً، والشركات معظمها أسرية وضعيفة، ولا توجد شركات مساهمة عامة في البلاد، وعاب تدخل الدولة في كثير من القطاعات ما أفقدها دورها، وناشد الدولة بتطوير الشركات الناجحة في القطاع الخاص.
التحديات
من جهته، اكد الفريق فتحي عبد الغفور المخطط الاستراتيجي، أن البدائل لا تتم في ظل التحديات المتمثلة في الاستقرار السياسي والأمني والسلام الاجتماعى، وتساءل: هل البدائل مربوطة بقانون الاستثمار في شكله الحالي أم تصطدم معه، وأضاف: اذا لم يتم العمل من ناحية استراتيجي فإن كلاً يعمل لوحده.
حمدي يرد
وقال حمدي في رده على التعقيبات، إنّ ما طرحناه ليس بالاقتصاد المثالي، واضاف: اية سياسة نقترحها فيها شوائب وتتبعها إفرازات، وقال: لست من أنصار انتظار القروض الأجنبية، لأن النتائج غير معروفة لأسباب اقتصادية وأخرى سياسيّة، وأوضح أن الدولة سحبت (67%) من الاحتياطي خلال الفترة الماضية، ولا يمكن أن يحدث توسع في ظل التقشف، واكد ان البترول منذ ظهوره البلاد في حالة حرب، وقامت بأمواله محليات وولايات، إضَافَةً الى البنيات التحتية وحقوق الشركات، وقال حمدي: (لا نحتاج أن نحبط أنفسنا بأننا أخفقنا، فعلاً أخفقنا ولكن علينا أن نسعى في العلاج)، وتابع: هذه أخطاء النخبة في إدارة الاقتصاد.[/JUSTIFY] تقرير : بابكر الحسن
صحيفة الراي العام