هذه الحادثة أعادت إلى السطح من جديد الحديث عن سقوط الطائرات في البلاد بشقيها العسكري والمدني، خاصة تلك الطائرات التي تقل الدستوريين والخاصة برئاسة الدولة، وكان أشهرها تلك الطائرة التابعة للطيران الرئاسي اليوغندي التي أقلت جون قرنق رئيس الحركة الشعبية، التي تحطّمت بالحدود اليوغندية السودانية، ومن قبل كانت الطائرة التي أقلت الشهيد الزبير محمد صالح وتحطمت.
سقوط الطيران في السودان لم يكن مقتصراً على الطيران الرئاسي أو الطيران العسكري، فقد شَهدت المطارات العديد من حوادث الطيران، بجانب سقوط طائرات الهليكوبتر.. ففي العام 1999م تحطمت طائرة عسكرية بعد إصابتها بعطل فني في ولاية كسلا شرقي السودان وكان ضحيتها (50) شخصاً.. بينما شهد العام 2002م حادثة هزت البلاد، اذ تحطمت طائرة عسكرية على متنها (14) ضابطاً بينهم العقيد إبراهيم شمس الدين.. فيما تحطمت طائرة شحن من طراز (انتنوف) بينما كانت تستعد للهبوط في مطار واو بولاية بحر الغزال جنوب السودان ولقي (13) شخصاً مصرعهم.. وتحطمت طائرة نقل سودانية قُرب الخرطوم في العام 2005م ما أدّى الى مقتل جميع أفراد طاقمها الـ (7) المكون من (6) روس وسوداني واحد.. وفي ذات العام تحطمت طائرة سودانية قُرب مدينة نيالا غرب البلاد وأسفر عن مقتل (19) عسكرياً سودانياً، وكان في نفس العام حدث مقتل جون قرنق النائب الأول لرئيس الجمهورية في تحطم مروحية رئاسية يوغندية كانت تقله إلى جنوب السودان.. وفي العام 2006م كانت قد تحطمت طائرة عسكرية سودانية في مطار بلدة أويل الجنوبية ما أدّى إلى مقتل أفراد طاقمها الـ (7) و(13) جندياً كانوا على متنها.. وفي العام 2007م إحترقت طائرة سودانية من (انتنوف) عقب إقلاعها من مطار الخرطوم وقُتل جنديان سودانيان جراء الاحتراق.. وتحمطت طائرة من طراز (بيتش كرافت) تابعة لشركة النقل الجوي لجنوب السودان في العام 2008م وكان على متنها (21) راكباً بينهم وزير الدفاع الجنوبي دومينك ديم.. بينما تحطمت طائرة نقل سودانية (بوينغ 707) في أكتوبر 2009م بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار الشارقة بدولة الإمارات العربية ما ادّى إلى مقتل كل أفراد طاقمها الـ (6).. وشهد العام 2010م تحطم طائرة أثناء محاولتها الهبوط في زالنجي أسفر عن مقتل معظم الركاب.. وفي العام الماضي تحطمت طائرة عسكرية سودانية بمطار مدينة الأبيض نتيجة عطل فني ما أدّى لمقتل طاقمها.
فيما يبدو أنه وبحسب توافر هذه الإحصاءات حول حوادث وتحطم الطائرات في العديد من المواقع الإلكترونية فإنّ سقوط الطائرات لا يقتصر على الطيران العسكري أم الرئاسي الذي ربما تواجهه بعض المشكلات من الناحية الأمنية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تحدث مثل هذه الحوادث الخاصة بالطائرات بصورة لافتة في البلاد؟ وهل تتوافر معايير لاستغلال الطائرات والمروحيات أم أن ذلك يتم بحسب طبيعة المهمة ومراعاة عامل الزمن الذي تستغرقه الرحلة.
وبحسب عبد الحافظ مدير الإعلام والعلاقات العامة بالطيران المدني، فإنّ إجراءات السلامة التي تتخذها سلطات الطيران المدني تجاه الطائرات أنها تحرص على سلامة الطائرة من ناحية أنها سليمة وصالحة للطيران بعد فحص ملفها ومستنداتها التي تثبت سلامتها وتأمينها بجانب توافر شهادة الصلاحية، وأضاف في حديثه لـ (الرأي العام) أن المهندس المختص لديه صلاحية أن يفحص الطائرة ويتأكد من صحة مستندات السلامة على الرغم من أن ذلك من مسؤولية الشركة المختصة، ولكن إذا شك المهندس المختص في بعض الأشياء الخاصة بالسلامة يمكنه أن يتأكد من ذلك، وقال إن هذه الإجراءات تتم لكل شركات الطيران دون استثناء، ولكنه عاد وقال إن التفاصيل الدقيقة معنية بها الشركة، إذ لا يمكن أن تقوم سلطات الطيران بكل الإجراءات الدقيقة لكل الطائرات التي قد تصل إلى مائة طائرة في اليوم ولكن في حالة شكوك المهندس المختص يمكنه أن يفحص بدقة.
بعض المراقبين أشاروا الى أن أسباب حوادث الطيران وخاصة العسكرية ربما تكون نتيجة اصطدامها بالمدرج أو انحرافها عن منطقة الهبوط ربما لتزاحم الطائرات بالمطار.. ولكن عبد الحافظ نفى ذلك وقال إنه صحيح أن للقوات المسلحة إدارة خاصة لا تتبع للطيران المدني، ولكن يوجد تنسيق بينهم في الملاحة الجوية وإفساح الخط الجوي للطائرات العسكرية حتى لا تصطدم بالطائرات الأخرى، وأضاف: حتى في حال هبوط طائرة خاصة بكبار الشخصيات تعطى الاولوية في الهبوط على غيرها إذا تصادفت مع طائرة أخرى.
التساؤل طرح عقب تحطم الطائرة التي أقلت المتعافي حول ما إذا كان الوزراء أو الدستوريون يمكنهم أن يستقلوا الطيران الرئاسي، وهل توجد محددات لاستقلال الطيران الرئاسي ربما تقتضيها طبيعة المهمة أو سرعة إنجازها..؟
الأستاذ عماد هباش بمراسم القصر الجمهوري قطع في حديثه لـ (الرأي العام) أن الطيران الرئاسي خاص فقط بالرئيس ونوابه والوفود التي ترافق الرئيس، أما الوزراء والدستوريرن فإنهم ربما يؤجرون طائرات تجارية أو يستقلون طائرات تابعة لقوات الشرطة أو القوات النظامية الأخرى.
ومهما يكن من أمر، فإنّ حوادث سقوط الطيران سواء كانت مدنية أو عسكرية أو حتى رئاسية، فإنها بحاجة إلى مَزيدٍ من الاحتياط والتقصي في إجراءات السلامة. [/JUSTIFY]
الراي العام – تقرير: سامية على