وتلك المرأة التي نقول إنها انقذت (راجع صحيفة الخرطوم الثلاثاء 2 سبتمبر 2008 م الموافق 2 رمضان 1429 هـ العدد 6850) ستجد نفسها عادت إلى الجحيم التي حاولت الخروج منه.
وهذا الجحيم، الموجود فوق الأرض، ما هو إلا ولاية القضارف فهي ظلت تطالب بإستحقاقاتها المالية المتراكمة لمدة اربعة اعوام، وبعد مقابلتها معتمد بلدية القضارف في اول يوم من شهر رمضان تقول صحيفة الخرطوم بأن المرأة عادت بـ(خفي حنين) فقررت الإنتحار.
اربع سنوات كاملة اي ما يعني (1440) يوماً لم تحاسب فيه سلطات الولاية نفسها وتراجع من تأخرت له بعض الأموال ومن أستلم حقه بالكامل…. ومع ذلك فقد شهدنا الصحف خلال السنتين الماضيتين تزين صفحاتها بالإعلانات مدفوعة القيمة لإيضاح إنجازات الولاية. ما هي إنجازات الولاية إن كانت لا تستطيع دفع مستحقات معلمة واحدة لمدة اربع سنوات وقد يكون هناك عدد هائل من الذين لم يصرفوا مستحقاتهم المالية ولم يلجأوا لأسلوب تلك المرأة وإلا كانت هناك مأسأة في الأسر هناك.
وإذا كان الشخص الذي استطاع إنقاذ حياة تلك المرأة فعل الواجب الذي أملاه عليه ضميره فقام به على أكمل وجه إذ أنه استطاع تغيير المنكر بيده.. وعليه نستطيع الإشادة به وهو له جزاء من عند الله حسب نيته…. فلا أظن أن نفس الشخص له المقدرة على تغيير منكرات أكثر فظاعة هي السبب في إقدام تلك المعلمة على الإنتحار، والسبب ببساطة أن الذين يتماطلون في إعطاء الحقوق هم أنفسهم مالكو صكوك غفران زماننا هذا.
لقد تم إنقاذ حياة المعلمة تلك لكن ليت الإنقاذ كان يشمل القيم والضمائر التي يبدو إنها خرجت إلى مكان غير معلوم من قلوب كل من تولى مسؤولية. وليت كل من تولى مسؤولية إدارة محلية أو ولاية او حتى مكتب تفتيش على الطريق العام يدرك بأن هناك من هم تحت مسؤوليته، وكل تصرف إيجابي يعني تسيير الأمور بطريقة جيدة مع المواطن.
تم إنقاذ المعلمة من الإنتحار لكن من يعيد الحياة لتلك القيم التي صارت مفقودة في الدواوين العامة بالحفاظ على المال العام؟.هل ننتظر إبتعاث شخص من خارج كوكبنا يعلمنا كيف نصون بلادنا من الفساد؟.
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1008- 2008-09-04 [/ALIGN]