وقال رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني قطبي المهدي، إن الشعبي يحاول إيهام الرأي العام بحدوث انشقاق داخل الوطني بسبب المذكرة التصحيحية، وشغله بمذكرة أخرى داخل المؤتمر الوطني في اتجاه جاد منه لصرف الأنظار عن الخلافات الحقيقية بداخل هياكله التنظيمية. ثم مضى قطبي مستهدفا الشعبي باماطته اللثام عن ما قال عنه «انشقاقات مني بها المؤتمر الشعبي»، مؤكدا هجرة معظم كوادره إلى الخارج وانهيار حركة العدل والمساواة بعد مقتل رئيسها خليل إبراهيم، مشيرا الى ان ذلك جعل الشعبي أكثر الأحزاب مهدداً بالزوال والتلاشي التنظيمي من الساحة السياسية.
واستتبع ذلك الهجوم الابتدائي كما يبدو، هجوم اشد عنفا في اليوم التالي من د. نافع علي نافع، سخر خلاله من حديث زعيم حزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي بأن الغرب يقبل بأي بديل يأتي بثورة في السودان، وان هنالك مذكرة اخري في الطريق، وقال ان علي الترابي ان يترقب «المذكرة وانقاذ المجتمع الدولي للمعارضة في الخرطوم».
بيد ان الهجوم الذي شنته قيادات المؤتمر الوطني على الترابي، قوبل بالامس من المؤتمر الشعبي بسخرية مماثلة، فقد تصدى الامين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر له بقوله» انه يصدر عن نفوس مريضة»، مضيفا « الترابي رجل علم ومواقف وهذا ما لايفهمونه»، وزاد عمر» وان كان احد منهم يفهم لما . . . . !».
ومضى القيادي الشعبي ليؤكد « بعض القيادات التي تملأ الصحف بالتصريحات لم تمارس العمل السياسي في الحزب، ولم يكن لها وزن بين القيادات غير الفنية على الاطلاق،وهذا يجعلها تستند الان كليا على التقارير الفنية الكاذبة والملفقة التي تردها». واردف الامين السياسي للشعبي « ان هذا الامر يجعلها خارج اطار الفضاء السياسي والواقعي في البلاد متوهمة ان مثل تلك التصريحات السخيفة لقطبي ستنجح في مرامها»، و يقول عمر» دوافع السموم التي يطلقها قيادات الوطني تكمن في الأزمات التي تنكد عليها حياتها، ومنها المذكرات التصحيحية».
وكذب عمر تصريحات قطبي المهدي بوجود «5» مجموعات داخل الشعبي ترتب الاطاحة بالترابي، واعتبرها محاولة من الحزب الحاكم لستر «العورة» من فضائحه، وصرفاً للانظار عن «الحزب المفكك» الذى يعتمد على قوة السلطان فى بقائه .
واوضح عمر ان الاسماء التى اوردها قطبى المهدي موجوده فى مستويات تنظيمية مختلفة بالمؤتمر الشعبي وتعبر عن آرائها داخل مؤسسات الحزب بحرية ولا تحمل ابدا «فكرة مؤامرة او تربص»، لانها تدرك ان الوظائف تولى بالانتخاب والمؤسسية.
وقال المسؤول السياسي فى المؤتمر الشعبي كمال عمر، ان اى حديث عن انشقاقات او مجموعات غاضبة داخل الشعبي، ضرب من الخيال وامان للمؤتمر الوطني. واكد ان الشعبي حزب مؤسس قائم على فكرة ونظام سياسي وبرنامج واهداف واضحة كلها «مربوطة بقيم السماء»، لافتا الى ان الترابي ظل طيلة الفترة الماضية يحاول الابتعاد عن موقعه الا اننا حريصون على وجوده و«سنفعل الى يوم يبعثون».
ولا يرضى غبار المعركة المحتدمة بين الطرفين المحلل السياسي البرفيسور عوض الكرسني، اذا ان المعركة في نظر البروفيسور « جزء من سياسة الهروب الى الامام»، ولكنه يضيف» غير ان اغلب الاحزاب السياسية تمارسها في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، بدلا عن مواجهة تحديات المرحلة الراهنة، والعمل على حل هذه القضايا بانعكاساتها الداخلية، او فيما يلى العلاقة مع الجنوب. ورأى الكرسني ان من الافضل للاحزاب الاتفاق على دستور جديد، واجماع وطني على القضايا الخلافية، لا مواصلة مسلسل الهروب الى الامام.
واشار المحلل السياسي ، في ذات الاتجاه، الى ان مساحات الجدل تتسع في الساحة حول المذكرات التصحيحية، والمجموعات المختلفة، وعده دلالة على عدم النضج بين الأحزاب السياسية، ودلالة اخرى على ان هناك عملية مخاض داخل هذه الاحزاب، حول ما يجب عمله. واضاف الكرسني: وبالتالي هذا يثبت « عدم الاجابة على سؤال ما يجب عمله، وهو ما يدعو للحيرة. . !. واعتبر المحلل السياسي ان عملية ارتفاع الاصوات داخل المؤتمر الوطني، تعني بشكل مباشر ان الحزب الحاكم « يحتاج الى وقفة مع النفس لمعالجة مطالب التصحيح التي ارتفعت، او حتى اصلاح المسار ككل».
وما يطالب به الكرسني الحزب الحاكم، طالعتنا به بالامس صحف نقلت مواجهة قيادات بمحلية الدويم لنائب رئيس المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع بمذكرة مطلبية جديدة، تحوى بعض المطالب باشراك قيادي من الوطني في حكومة الولاية، والمذكرة تحوى كما نشر امس ايضا، اتهاما لبعض الجهات التي لم يسمونها باسقاط القيادي المعني في الانتخابات السابقة. والجدير بالاعتبار ان قيادات مذكرة الدويم نوهوا بتمثيلهم « 72» قرية لا يمثلها أحد في كامل حكومة الولاية.
على ان الصراع المحتدم بين المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني، يكتسب اهمية وطابعا خاصا فهو من جهة جزء من الصراع السياسي العام في الساحة، يلتزم بقوانينها ويلعب في المساحات المفتوحة، ولكنه من جهة اخرى يسلك دروبا ضيقة ويتعرج في مساحات مغلقة على الطرفين. ولا يتعامل البعض مع ما يدور بين المؤتمرين «الشعبي والوطني»، بعيدا عن العلاقة المتردية بين « الترابي» و» تلاميذه».
ويقول رئيس حزب العدالة مكي على بلايل لـ» ليس من اللياقة ان تتحول الخلافات السياسية الى المسائل الشخصية»، مشيرا الى انها مسألة غير حميدة في الساحة السياسية او اي ساحة اخرى. ودعا بلايل كل القوى المتصارعة في هذه الساحة، وعلى وجه الخصوص الشعبي والوطني، الى ان يكونوا في قامة التحديات التي تواجه الوطن، بعيدا عن كل الاعتبارات الشخصية التي تتعلق بـ» الرغبة في التشبث بالسلطة،او الانتقام، وان ما يواجه الوطن من تحديات تهدد استقراره وبقائه. . اكبر من ذلك!. واضاف رئيس حزب العدالة ان المؤتمر الوطني والشعبي، تحديدا، يجب ان يكونا الاكثر حساسية ازاء تلك التحديات، على اعتبار انهما « كانا في يوم ما يكونان الجسم السياسي لثورة الانقاذ الوطني»، وان ذلك الامر كما يشدد بلايل» يضع مسئولية على الحركة الاسلامية على وجه الخصوص،لانقاذ الوطن والحفاظ على ما تبقى منه، معتبرا ان ذلك «اكبر من كل تلك الصغائر». ويقول بلايل ان على ساسة البلاد الى ان يرتقوا الى هذه الاعتبارات، وان يتوافقوا على منهج سياسي شامل يخرجنا ويخرج الوطن من هذا المأزق.
الصحافة
تقرير: ماجد محمد علي