في بداية التعرف على آراء المغتربين أكد مأمون محمد زين محمد جلي «معلم» سلامة الدراسة وحقيقة ازدياد نفوذ المرأة في الغربة، غير أنه استدرك قائلاً: إن الظروف الاقتصادية وانشغال الرجل بالعمل الضاغط أوجد هذه الظاهرة، حيث تقوم المرأة غالباً في الغربة بمتابعة دراسة الابناء، والوقوف على احتياجاتهم، فيما يمضي الرجل بكلياته نحو العمل حتى يوفر المال الذي من أجله غادر وطنه.
وأضاف جلي: إن هذه الظاهرة لا تشكل قلقا للمغتربين، فهم ينظرون إلى هذا الواقع باعتباره تكاملاً بين طرفي الأسرة، وأن الزوجة اضحت خبيرة بتفاصيل كيفية تسيير دفة الاسرة في الأمور الاعتيادية، فيما تبقى القرارات الكبيرة والمصيرية بيد الرجل.
وأكد النعيم عيسى مدير مالي بإحدى المؤسسات الاعلامية، أن الأمر لا يعدو كونه مساحة يمنحها الرجل بمعرفته للزوجة التي تقوم بأعمال كثيرة داخل الاسرة، فهي تتابع بامتياز دراسة الابناء ومراجعة الدروس معهم، وهي التي تقوم بكل الأعمال المنزلية من طبخ وكنس وتنظيف، في الوقت الذي ربما لا تجد حتى جارة سودانية لتبثها همومها.. وكل هذا يجعلنا نمنحها مساحة واسعة تتحرك فيها داخل اطار الاسرة.
وقال عيسى إن الواجبات العظيمة التي تقوم بها الزوجة في الغربة اكبر بكثير مما تقوم به المرأة الموجودة في السودان في ظل الاسرة الممتدة، حيث تجد الزوجة هناك من يقف إلى جانبها ويساعدها حتى في الاعمال المنزلية، من أم وأخت وخالة الخ منظومة الاسرة، وهو ما لم يتوفر في الغربة.
وقال مرتضى خضر خلف الله ــ مدير إعلان وتسويق بإحدى الشركات: حقيقة أن هذه الدراسة تبقى مثيرة للاهتمام، فالمغترب السوداني «جمل الشيل» وفي السابق كان المغترب السوداني في دول «المهجر» عامة ودول «الخليج» خاصة، له نكهة خاصة، والسبب في ذلك ما كان يتمتع به من ترف وحياة بذخ عندما يعود في إجازته، وما ينعم به على أهله وحتى جيرانه من هدايا وريالات ودولارات ودنانير وشتى العملات الأخرى.
واضاف: أما في الوقت الراهن فقد تراكمت عليه كل مشكلات الدنيا، فالأولاد الصغار «أولاداً وبناتاً» يدرسون في مدارس، وهم في حاجة لمصاريف متزايدة، فيما فريق آخر من المغتربين لديه بنات على وشك الزواج، غير الابناء الذين يدرسون بالجامعات، فضلاً عن هموم اخرى تتعلق بهاجس بناء المنزل بالسودان، وهناك الوالد او الوالدة التي تريد اداء فريضة الحج، مبيناً أنه في ظل هذه المشكلات التي تحتاج لمبالغ مالية لمعالجتها يمكث المغترب اعواما طويلة بالخارج، ويكتفي بل «يضحي» بأن تسافر «المدام» والعيال كل سنة أو سنتين إلى الوطن حتى لا يحرمهم مما حُرم منه، فيما يعاني ويعمل طوال السنة بدون إجازة حتى يوفر لقمة العيش الهنيئة لأسرته ولأهله، أو حتى لا يفقد وظيفته التي يعض عليها بأسنانه، فيكون الناتج الطبيعي غيابه بالسنين الطوال عن أهله ووطنه. وحيث أن الناس عليها بالظاهر، فإن «زوجته وعياله» يرجعون كل سنة أو سنتين في إجازاتهم وهو غائب عنهم، فيظنون به الظنون ويلصقون به التهم الباطلة أن «زوجته» تتحكم فيه بل وتمنعه بالسفر لتسافر هي، فهي تسافر كل سنة وتقضي إجازتها مع أهلها لابسة أغلى الثياب وتحتلي بأغلى الحلي وأنفسها، وهم لا يدرون أن هذه الحلي «فالصو» ولكن «لزوم الفشخرة»، فنحن شعب نتأثر بالمظاهر بل ونعيش ونحيا بها، كما أن المغترب السوداني فيه من الكرامة والعزة والنخوة ما لا يوجد في كثير من شعوب العالم، فمازلنا وبحمد الله «رجالة» زي ما بقولوا.
ورفض أسامة تاج السر «موظف» فرضية أن الزوجة تسيطر على مقاليد السلطة او لها نفوذ لافت داخل المنزل، مؤكداً أن الانسان السوداني بطبعه يرفض الانقياد، او التبعية غير المقبولة.
وقال: بالطبع أن هناك شراكة مقدسة بين الزوجين، ولا بأس من أن يستأنس الزوج برأي زوجته ان كان صوابا او فيه مصلحة للأسرة، وفي هذه الحال لا يمكن أن يقال إن هذا الرجل لا سيطرة له داخل منزله.
ورأى تاج السر ان اسرة الزوج غالبا ما تكيل الاتهامات للزوجة، عندما تكون في الغربة، خاصة إن لم يتمكن الابن من تنفيذ أي مطلب للأسرة، ففي هذه الحال يتعقدون أن الزوجة تقف ضد ذلك، وهو أمر في الغالب غير صحيح، وربما الظروف الاقتصادية تجعل هذا الابن غير قادر على الإيفاء بمتطلبات أسرته.. وأخيراً تبقى الكلمة الفصل للرجل، وهذا لا ينفي حقيقة أن هناك قلة قليلة ربما لا تملك زمام أمر الاسرة.
وذكر السماني عبد الله «محام» أن بعض النساء يتنفسن في الغربة عبر بعض الممارسات التي تظهرهن وكأنهن هن اللائي يقدن الأسرة، بمعنى أنهن يمارسن تعويضاً عن فقدهن كثيراً من الأنشطة التي تمارس بالسودان.
وأضاف: لا أتوقع أن تكون هناك سيطرة مطلقة للزوجة على زوجها في الغربة، وإنما هي شراكة في كيفية تسيير دفة الأسرة، غير أن بعض الأسر تنظر إلى الموضوع على أنه سيطرة للزوجة على ابنهم المسكين.
[/JUSTIFY]
صحيفة الصحافة