ليها رجعنا تاني

[ALIGN=CENTER]ليها رجعنا تاني [/ALIGN] في أغنية الطير الخداري التي يغنيها علي إبراهيم من كلمات الحلنقي جاء (قدر ما حاولنا نكتم جرحنا ونسكت بكينا) فيبدو أن هذا هو حالنا في سوداننا اليوم فقدر ما حاولنا أن نتناسى جراح السياسة أو كتمانها نجدها تتابعنا (معاي معاي زي ضلي ) كما قال مغنٍّ آخر فرمضان الكريم يجد فيه الناس فرصة لزيادة جرعات العبادة والتقرب لله بالصوم نهارًا والقيام ليلاً حتى ولو كان ذلك بصلاة التراويح فقط وفرصة لتغيير نظامهم الغذائي بإراحة المعدة ومحاولة للابتعاد عن الأكل الكمي والاهتمام بالنوعي (حاجات خاصة وكدا) والإذاعات والقنوات الفضائية تغير برمجتها لهذا الشهر بالإكثار من المنوعات والمسلسلات والمسابقات مع زيادة الجرعة الدينية، فبركة هذا الشهر المبارك تتجلى في بركة الوقت فيه إذ إن هناك متسعًا لكل شيء فكل هذا كفيل بأن يجعلنا نرتاح ولو مؤقتًا من السياسة وأصدقكم القول إن هذا ما سعيت إليه في هذا الأسبوع المنصرم من هذا الشهر. لكن، وآه من لكن هذه، السياسة (بت الذين) حلفت براس أبوها أن لا تفارقنا وأن لا تعطينا فرصة لكي نستمتع بمتغيرات هذا الشهر الكريم مثل بقية عباد الله المسلمين، فالتشاكس بين الحكام يتصاعد كل يوم أقصد الشريكين (هو في غيرهم؟) فالخلافات بينهما تشل مفوضية الاستفتاء إذ عجزت عن اختيار أمين عام وعلى حسب رئيس المفوضية السادة الجنوبيين داخل المفوضية عملوا كتلة واحدة فأسقطوا كل المقترحات. المفوضية تلوح بالتأجيل والوطني يرحب ويدعم ترحيبه بعدم ترسيم الحدود والحركة تقول إنها لن تسمح بالتأجيل ولو لدقيقة واحدة وأي (كاني ماني) فسوف تعلن الاستقلال من داخل برلمانه. ولماذا لا؟ ألم يعلن السودان ذات نفسه الاستقلال من داخل البرلمان في 19 سبتمبر 1955 بينما اتفاقية الحكم الذاتي تقول بضرورة إجراء استفتاء شعبي؟ ثم تأتي طائرة فلج التي اعتقلتها الحركة واعتبرتها دليلاً على أن المؤتمر يدعم المليشيات المناوئة لها والوطني يرد بأن سلفا كير ذهب إلى أوغندا في وقت كانت فيه قيادة حركة العدل والمساواة هناك وأنه أقنع موسفيني بفتح قاعدة عسكرية هناك فأصبح المنظر (أنت تدعم مليشياتي وأنا أدعم مليشياتك) عوضًا عن (انت أكتب لي وأنا أكتب ليك) الجانبان يرحبان بالتصعيد حتى ولو تحول هذا التصعيد إلى حرب مباشرة ولكن دواعي الترحيب تختلف لديهما فالحركة تعتقد أن التصعيد سوف يمكِّنها من إعلان الاستقلال من داخل البرلمان وكل العالم بما فيه الخرطوم سوف يعترف بدولتها ولو بعد حين. الوطني يرحب بالتصعيد حتى لا يقوم الاستفتاء فلو أعلنت الحركة الاستقلال من جانب واحد فإن هذا سوف يعفي الوطني من مسؤولية فصل الجنوب. فالشهور المتبقة من هذا العام سوف تكون شهور حسم فإذا مرَّ عام 2010 بسلام فإن هذه البلاد إن شاء الله سوف تعيش في سلام لغاية عام 2021 فهذا العام يتزامن مع الذكرى المائتين لغزو وتوحيد محمد علي باشا للسودان. إن فك الاحتقان الحالي في تقديري يبقى في التعامل العقلاني مع الأزمة فطالما أن الجنوبيين مصرون على الانفصال مهما كلفهم ذلك فليكن لهم ما أرادوا طالما أن هذا أصبح أمرًا دستوريًًا وعلى بقية أبناء السودان أن لا يجعلوا من هذا الأمر مناحة كما قال الدكتور الشوش وليعملوا بقاعدة (الجفلن خلهن أقرع الواقفات) وإن مات لك طفل احضن بقية أطفالك ولا أحد في الدنيا يدري أين يكمن الخير فيا مثبِّت العقول ثبِّت عقل أهل السودان ببركة هذا الشهر الفضيل.

صحيفة التيار – حاطب ليل- 17/8/2010
aalbony@yahoo.com

Exit mobile version