ووصفت مجلة «فورين بوليسي» للسياسة الدولية، على موقعها الإلكتروني أول من أمس، الدابي بأنه «أسوأ مراقب لحقوق الإنسان»، معللة وصفها بكون الدابي نفسه كان مسؤولا عن إنشاء ميليشيات «الجانجويد»، التي ينسب إليها عمليات تطهير عرقي بإقليم دارفور.. مما أدى إلى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف للرئيس السوداني عمر البشير، في يوليو (تموز) عام 2008. فيما قالت منظمة العفو الدولية إن «قرار الجامعة العربية تكليف فريق بالجيش السوداني – ارتكبت في عهده انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان بالسودان – برئاسة بعثة المراقبين، يقوض جهود الجامعة حتى الآن، ويضع مصداقية البعثة محل شك بالغ».
وداخليا، أثار اختيار الدابي رئيسا لبعثة المراقبين قلق نشطاء من المعارضة، إذ قالوا إن «تحدي السودان نفسه لمحكمة جرائم الحرب يعني أنه من غير المرجح أن يوصي المراقبون باتخاذ إجراءات قوية ضد الرئيس السوري بشار الأسد».. وغضب سكان في بابا عمرو من أنهم فشلوا في إقناع المراقبين بزيارة الأحياء الأكثر تضررا بالمنطقة، فيما رفض آخرون لقاء وفد المراقبين، كونهم كانوا في رفقة ضابط بالجيش السوري.
وقال ناشط من سكان المنطقة لوكالة «رويترز» للأنباء: «المراقبون غادروا حي بابا عمرو لأنهم رفضوا دخول الحي دون أن يرافقهم المقدم مدين ندا من الفرقة الرابعة»، مضيفا: «أسر الشهداء والمصابين رفضوا لقاءهم في حضوره والمراقبون غادروا المكان».
وعن الوفد، قال آخر: «شعرت بأنهم لم يعترفوا حقا بما رأوه.. ربما لديهم أوامر بألا يظهروا تعاطفا، لكن لم يكونوا متحمسين للاستماع إلى روايات الناس. شعرنا بأننا نصرخ في الفراغ». متابعا: «علقنا أملنا على الجامعة العربية كلها.. لكن هؤلاء المراقبين لا يفهمون – فيما يبدو – كيف يعمل النظام، ولا يبدو عليهم اهتمام بالمعاناة والموت اللذين تعرض لهما الناس».
وقال رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن معظم سكان بابا عمرو يشعرون بخيبة الأمل، إلا أنه أضاف أن المراقبين بحاجة إلى أن تتاح لهم الفرصة لفترة طويلة بما يكفي للقيام بالتفتيش قبل إصدار الأحكام، وأنه لا يمكن الحكم عليهم بناء على يوم واحد.
وتبرر جامعة الدول العربية اختيارها للدابي بكونه يوفر خبرة عسكرية ودبلوماسية مهمة لبعثتها، التي لا تشبه مهمتها أي جهود سابقة للجامعة العربية.. إلا أن إريك ريفز، الأستاذ في كلية سميث كوليدج الأميركية، يرى أن ذلك الاختيار قد يكون مؤشرا على أن الجامعة العربية ربما لا تريد أن يصل مراقبوها لنتائج تجبرها على القيام بتحرك أقوى.
وأضاف ريفز لوكالة «رويترز» الإخبارية: «هناك سؤال أوسع وهو لماذا تختار شخصا يقود هذا التحقيق، في حين أنه ينتمي لجيش مدان بنفس نوعية الجرائم التي يجري التحقيق فيها بسوريا؟». وتابع: «أعتقد أن فريقا بالجيش السوداني سيكون آخر شخص في العالم يعترف بهذه النتائج حتى لو وجدها ماثلة أمامه.. ليس لهذا أي معنى؛ إلا إذا كنت تريد صياغة ما يتم التوصل إليه بطريقة معينة».
وعلق دبلوماسي مصري سابق، طلب عدم تعريفه، على اختيار الجامعة العربية للدابي بأنه غير ملائم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون خبرة الدابي محل تقدير؛ كونه كعسكري مخضرم، يعرف جيدا ما يتطلبه البحث لإثبات أو نفي الاتهامات الموجهة للنظام السوري.. ولكن الجامعة جانبها الصواب في اختيار الشخص المناسب، لأن تقريره أيا كان ما سيأتي به من براءة أو إدانة، سيجد عشرات من المتشككين والطاعنين في مصداقيته في الانتظار».
[/JUSTIFY]الشرق الاوسط