وقال إبراهيم عباس، مخرج أفلام “أباليسو” إن سلسلة الموسم الأول، والتي جاءت في 21 فيلما قصيرا، قد حققت نجاحاً كبيراً، وفرضت نفسها في فضاء الإنترنت، لتتجاوز مشاهداتها الـ10 ملايين مشاهدة، وذلك بعد أن تم نقلها وتداولها وطرحها في مئات المواقع الإلكترونية وآلاف المنتديات، كما تمت ترجمته من قبل متطوعين إلى عدة لغات أبرزها الإنكليزية والفرنسية والأوردية.
و”أباليسو” عبارة عن سلسلة حلقات وأفلام تصويرية قصيرة، لا تتجاوز مدة الحلقة فيها30 ثانية، وتقدم في مضامينها نصائح توعوية واجتماعية، من خلال كشف أساليب الشيطان التي يوسوس بها على بني آدم، والحلقات من إعداد وتنفيذ مجموعة من الشباب السعوديين الذين قاموا بعرض بعض الحلقات في الفضائيات ومن ثم اختاروا عرض البقية على الإنترنت.
نصيحة الجيل الجديد
ويقول الشاب إبراهيم عباس، مخرج أباليسو ومدير مؤسسة (فيجولايزت)، إن الفكرة بدأت قبل 3 سنوات، عندما قرر هو ورفاقه فضح الشيطان عبر إنتاج سلسلة حلقات تجسد شخصيته بشكل واضح، بغرض تجريده من سلاح التخفي الذي ظل يخدع به الناس لآلاف السنين. وأضاف: “تولدت فكرة شخصية “أباليسو” التي حاولنا من خلالها مساعدة المشاهدين في تخيل إبليس وفهم حيّله مهما تنوعت”.
وأوضح عباس أن هدفهم هو التركيز على توجيه الشباب الذي يندر أن يشاهد قنوات دينية أو يقرأ كتبا توعوية، مضيفا في حديث لـ”العربية.نت”: “هذا الجيل المنهمك بين الإنترنت والبلاك بيري والفيسبوك والآيفون، لن نؤثر عليه إلا إذا وضعنا رسائل التوجيه في قوالب ممتعة وأطلقناها”، وتابع قائلا: “نريد من الشاب أن يبر والديه ويحافظ على صلاته، وأن يأكل الحلال، وهذه كلها رسائل إيجابية تستهدف الجيل الجديد”.
كما أكد أنهم حاليا بصدد وضع اللمسات الأخيرة لسلسة أفلام وحلقات “القرين”، وهو مشروع توعوي ضخم ويعتبر الموسم الثاني من حلقات أباليسو.
وتابع: “سنستمر في فضح وكشف حيّل الشيطان وألاعيبه بطرق مبتكرة وجذابة، وبطريقة توحي بما يدور بخواطر البشر أثناء ارتكابهم لأي عمل سلبي”.
أباليسو
وأحدثت سلسلة أفلام أباليسو، والتي تُعد من أجرأ المقاطع الإعلانية التوعوية، تغييراً فعلياً في نوعية الخطاب وأسلوب اللغة التي يجب أن يتبعها الداعية أو الناصح لتغيير كل ما هو خطأ، ففي الوقت الذي كانت فيه معظم الرسائل التوجيهية تبث من خلال برامج جادة، اقتحم أباليسو قالب الكوميديا السوداء عبر حلقات تخاطب المشاهدين بلهجات دول عربية متعددة، وتحكي عن وسوسة إبليس، تلك الشخصية التي تم تجسيدها في الحلقات، بكائن بشري قبيح المنظر، محمر البشرة وبقرون معطوبة وأذن طويلة.
واستطاعت شخصية أباليسو الكوميدية بحلقاتها وقصصها المختلفة، والتي تحكي قصصا واقعية، أن تجعل المشاهد يقف دقيقة مع نفسه ليرى كيف تحاك حبائل الشيطان ومكائده، حيث يظهر تارة وهو يخدع شابا لينام عن صلاة الفجر، ومرة أخرى يستفز ربة المنزل لتسيء إلى خادمتها، وتحث شابا ليفضل أن يشاهد المباراة على خدمة والدته، كما نرى أباليسو أحيانا مهزوما أمام من يصر على الصلاة في المسجد أو من يذكر الله في كل أوقاته، وفي نهاية كل حلقة، يطل أباليسو ليوجه رسائل مباشرة تعبر عن قلقه وغضبه وتهكمه من بني آدم.
كوميديا وإعلام جديد
إلى ذلك، اعتبر متخصصون أن سبب انتشار ونجاح أفلام “أباليسو” يعود إلى استثماره ومواكبته لعنصري المضمون والوسيلة في إيصال رسالته الإعلامية، حيث قال عبد الرحمن الشهري، عضو شركة “سمارت تاقز” للإعلام الجديد، إن الوسائل الاتصالية لكل جيل متشابهة مع أبنائه وهي سر تأثيرها عليه، مشيرا في حديث لـ”العربية.نت” إلى أن الإعلام الاجتماعي لعب دورا بارزا خارج عن القيود الروتينية للإعلام التقليدي، فأصبح مؤثرا ومقنعا بدون تسلّط.
وأوضح قائلا: “جيل اليوم لم يعد يتأثر بالتقليدية في عصر احتوت فيه غالبية المنازل على الكمبيوتر، حيث تسللت وسائل تأثير جديدة تتعامل مع الصورة والموقف، فبينما كان الوالد يستمع للنصيحة في المسجد مثلا، بات الابن يستمع إليها عبر وسائل الإعلام الإلكترونية”.
ويرى الناقد والممثل الكوميدي، خالد بامشوس، أن توظيف الكوميديا السوداء في حلقات “أباليسو” ساهمت في انتشاره بشكل كبير، مشيرا في حديث إلى “العربية.نت” إلى أن اختلاط الكوميديا بالمضمون التوعوي والوعظي هو تكنيك موجود بالفعل، ويستخدم في دول مختلفة، بغرض تمرير الرسالة الإعلامية بطريقة سلسة.
وأكد بامشموس أنه غالبا ما يتم اللجوء إلي تكنيك الكوميديا السوداء في الإعلانات والرسائل التوعوية لمحاولات الجمع بين الجمهورين الكبير والصغير، وأضاف “على سبيل المثال تلجأ بعض الإعلانات التجارية إلى الكوميديا عندما تدعو الكبار إلى شراء منتجات الصغار، وأباليسو استخدم أسلوب الحوار بقالب الكوميديا السوداء، فجاءت رسائلها ذات قيمة تربوية موجهة للجميع”.
وتجدر الإشارة إلى أن سلسلة حلقات “أباليسو” تعتبر إحدى أبرز الأفلام الإعلانية التوعوية، التي ظهرت مؤخراً في السعودية مثل “أقم صلاتك”، و”مين قال الشغل عيب”، و”الرحمة”، و”هذه حياتي”، وغيرها من الأفلام التي تم تنفيذها بجودة وإخراج الإعلانات العالمية، وساهم في إعدادها وتنفيذها شباب سعوديون كان هدفهم المشترك هو الخدمة والمسؤولية الاجتماعية، حيث خصصوا جزءاً كبيراً من وقتهم وجهدهم لإنتاج هذه الأعمال التي تفتقر إليها البلدان العربية والإسلامية.
العربية