[ALIGN=CENTER]قولبوا الفرار [/ALIGN]
لمن فاتهم (الاستماع ) لا بأس من إعادة الطرفة التي تقول إن أحد أجدادنا دخل في اشتباك مع ابن عمه الذي تمكن منه ورماه أرضًا ورفع فأسه ليهوي به عليه، والحال كذلك استسلم جدنا المهزوم وصاح في الممسك بالفأس (قولب الفرار يا فلان.. قولب الفرار يافلان) أي عندما أيقن أن الفأس واقع لا محال اختار أخف الضررين وطالب بأن ينزل الفأس عليه بالشفرة المدببة بدلاً من الحادة لتكون النتيجة (فلقة) وليس شجًا، ولعل هذا يوافق قول الشاعر حنانيك إن بعض الشر أهون من بعض أو كما يقول علماء الأصول إذا اجتمع ضرران فيجب الأخذ بالأخف. يبدو لي أن هذا الذي بدأ يحدث بين الشريكين الحاكمين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) فقد كاد يثبت أن الانفصال واقع واقع كما جاء في أغنية سيف الجامعة من كلمات عاطف خيري (وصتني وصيتها / قالت لي اترجل / أصلو الفراق واقع اكان ترضى كان تزعل) ولا شك أنه أمرٌ مخيف للكل، نعم حتى بالنسبة للحركة فإن الأمر لا يخلو من مخاطر والحال هكذا بدأ الطرفان يسعيان (لقولبة) فرار الانفصال لكي يحدث أخف الأضرار فإذا ما وقع الانفصال والشريكان متشاكسان فإن هذا يعني أن هناك حربًا لا تُبقي ولا تذر. تأسيسًا على ذلك بدأت اجتماعات الشريكين المتلاحقة تحت اسم مناقشة قضايا ما بعد الاستفتاء، فما بعد الاستفتاء هو اسم الدلع لما بعد الانفصال، إذن الجماعة بدأوا القولبة من هنا، وإلا فقل لي بربك لماذا توقف منشار التفاوض عند عقدة ترسيم الحدود؟! فالمؤتمر يقول ليس هناك استفتاء قبل ترسيم الحدود، والحركة تقول إن الاستفتاء لن يتأثر بترسيم الحدود، فإذا كان هناك أمل في الوحدة فترسيم الحدود لا مكان له من الإعراب. على العموم إن الهدوء على جبهة الشريكين أمرٌ في غاية الأهمية، ومع كل الاحتمالات وحدة كانت أم انفصالاً فأوضاع البلاد لا تحتمل أي مشاكسة بين الشريكين حتى ولو كان هناك انفصال إذا اتبع الشريكان منهجًا عقلانيًا وناقشا القضايا بهدوء وبدون مكايدات أو ضرب تحت الحزام فإن الانفصال سيكون سلساً، وإن كان الفريق مالك عقار يرى أن هذا ضربٌ من دفن الرؤس في الرمال، فالانفصال في رأى الفريق حرب لا يمكن تجنبها بأي حال من الأحوال. مهما كان الأمر فإن التفاهم بين الشريكين أمرٌ لا بديل له فأقدار البلاد أصبحت بين يديهما، كما أن الأحزاب الأخرى أصبحت أضعف من أن تتخذ طريقًا ثالثًا أو تطرح طرحًا بديلاً لما يطرحان، لذلك انفردا بالسلطة وأمسكا بالفأس الذي يتراقص الآن فوق رأس الشعب السوداني الفضل، ولم يعد هناك خيار إلا المطالبة بقولبته؛ فالشفرة الحادة سوف تسري في جسد الشعب وتشقه إلى نصفين فنسأل الله (الفلقة) التي نتمنى أن تكون سلاخية وذلك بأن يتم الاتفاق على نقاط الاختلاف من ترسيم حدود وتوزيع أصول وتسديد ديون وتحسين جوار وهلم جرا. ما تقدم كوم واجتماع الشريكين بالقاهرة هذه الأيام كوم آخر، وغدًا إن شاء الله نحاول معرفة ما يجري هناك.. اللهم اجعله خيرًا.
صحيفة التيار – حاطب ليل- 4/8/2010
aalbony@yahoo.com