وقال الأستاذ الدكتور «علي بلدو»، المختص في الأمراض النفسية والعصبية، إن الانتحار من وجهة النظر الطبية النفسية، يمثل تحدياً خطيراً، وأسبابه تكون ناجمة عن أسباب شتى، يمكن إجمالها في القابلية والاستعداد الجيني لدى بعض الأشخاص والأسر التي تبرز فيها ظاهرة الانتحار، إضافة للأمراض العضوية المزمنة والقاتلة مثل الأيدز والتهاب الكبد الفيروسي والفشل الكلوي والقلبي والسرطانات، كما يبرز الإدمان وتعاطي المخدرات كعامل هام في الانتحار، أضف إلى ذلك نوبات الاكتئاب الحاد والمزمن و(الشيزوفرينا) والفوبيا والاضطرابات النفسية عموماًً، بجانب الصدمات النفسية الحادة كالفشل الأكاديمي أو العاطفي أو الخسارة، كما تشكل الضغوط النفسية والحياتية والاقتصادية والشعور بعدم الأمان الاجتماعي والسياسي والحراك الاجتماعي الكثيف وتأثير العولمة والفضائيات، عوامل مهمة، وقبل ذلك كله غياب الوازع الأخلاقي والديني، إذ يعتبر الانتحار من كبائر الذنوب.
وأشار «بلدو» إلى أن معدلات الانتحار والشروع فيه طفت بكثرة في الآونة الاخيرة، رغم عدم وجود إحصائيات رسمية، وعزا الأمر إلى الوصمة الاجتماعية والخوف من القانون الذي يعاقب على الشروع ويترحم عند الوفاة.. وقال إن الفئات الأكثر انتحاراً هي الرجال والمرضى عموماً، وتزداد النسبة في منتصف العمر وفي السن المتقدمة، فيما أن النساء يتحدثن ويهددن بالانتحار أكثر من الرجال، ولكن نادراً ما يقمن بذلك إلا في حالات معينة.
وعن أكثر الوسائل المتبعة في الانتحار يقول «بلدو» إنها القفز في المياة والشنق والصبغة والسم والحرق والسلاح الناري، كما يوجد ما يسمى بانتحار السلبي، وفيه يمتنع الشخص عن الأكل والشرب أو تناول الدواء مثلاً، ويكثر في الاكتئاب النفسي.. ويضيف: وهناك علامات منذرة بقرب وقوع حالة الانتحار منها تغير السلوك، العزلة، اضطراب النوم والأكل، إيقاف الانشطة المعتادة، الأزمات الحادة والشعور باليأس.
ولمكافحة والتقليل من الانتحار يوصي د. «بلدو» بتقديم الإرشاد النفسي والتوعية وتوفير الدعم الاجتماعي والأسري كنوع من الوقاية، إضافة لإتاحة الفرصة لكل من تنتابه مثل هذه الرغبات للوصول لمراكز الطب النفسي، وقال: في حالة وقوع المحاولة يتم حجز المريض في المستشفى فوراً وعمل رقابة مشددة عليه لكي لا يؤذي نفسه، ومن ثم يعطى العلاج المناسب تحت إشراف الطاقم الطبي النفسي، وتكون النتائج في الغالب مبهرة جداً وممتازة، وبعدها تجب متابعة الشخص لفترة من الوقت خصوصاً في الشهر الأول من المحاولة الأولى للانتحار، ويمكن عمل مجموعات للدعم والتواصل مع هؤلاء الاشخاص لاحقا.
الدكتور «علي بلدو» عاد وأشار إلى نقطة مضيئة في الأمر هي غياب (الانتحار الجماعي)، وأرجع الأمر لتركيبة الشخصية السودانية, على الرغم من الموروث الشعبى (موت الجماعة عرس)، الذي قال إنه لا ينطبق على الانتحار.[/JUSTIFY]
الاهرام اليوم