[ALIGN=CENTER]شئ جميل في الجزيرة [/ALIGN]
الجزيرة بالنسبة لي وجع خاص فـ(سُرّتي ) مدفونة فيها.. الحواشات تحيط بقريتي إحاطة البعوض، و(النِمتّي) كل ليلة بسريري.. أكتب عنها كثيرًا، وأنظر بحسرة للجزء الفارغ من كوبها؛ وللأسف هو الجزء الأكبر.. أسعى جاهدًا أن أكتب بموضوعية وبدون عصبية لأن الجزيرة مبذولة لكل السودان، ففي عافيتها عافيته. لا نُوجِّه ما نكتب لأحد إنما للرأي العام لإيماننا بأنه صاحب السلطة العليا، ولو كابر مُتخذ القرار لا نيأس من الإصلاح أبدًا فكما يقولون (المراويد هدّن جبل الكُحُل). من مؤسسات الزراعة التي كانت تقع تحت مداد أقلامنا شركة الأقطان أو مؤسسة الأقطان، فهذه كان لها القِدح المُعلّى في تدهور أوضاع الجزيرة عامة وزراعة القطن بصورة خاصة؛ فقد كانت تاجرًا غريبًا لا تبذل أي جهد، وتنظر المزارع بعد أن يبذل دم قلبه في إنتاج القطن ثم تأخذه وتبيعه وتأخذ نسبتها. وبالطبع لن يفرق معها السعر قرش أوقرشين فسمّيناها (السلسلع) لأنها (مُتطلفِّة) على الإنتاج، وكانت هذه الشركة من الأسباب التي جعلت المزارعين يتركون زراعة القطن في أول فرصة لاحت لهم فانخفضت مساحته من أربعمائة ألف فدان إلى خمسين ألف فدان. الحال هكذا كان لابد للمؤسسة أن تغير سياستها وإلاّ ستجد نفسها مؤسسة لأشياء أخرى غير القطن؛ ولعل هذا ما حدث ففي هذا الموسم 2010 دخلت المؤسسة في علاقة إنتاج جديدة مع زراعي القطن فقامت بكل عمليات التحضيرإلى أن أصبحت السرابة جاهزة، ثم قامت بتمويل كل مدخلات الإنتاج من تقاوى مُحسّنة وسماد ومبيدات (حشائش وآفات) وبأسعار مناسبة، وصادقت بسلفية للأعمال الفلاحية بواقع 200 جنية للفدان وهناك سلفيات أخرى للقيط؛ كل هذا مع تركيز لزيادة الإنتاجية مُستهدفة عشرة قناطير للفدان بتعاون كامل مع هيئة البحوث الزراعية وتركيز على استخدام حزم تقنية مُتقنة. وعلى حسب المعلومات التي لدينا أن البيع سوف يكون بشفافية عالية وسيتم مع مناديب الزارعين مباشرة(ليس الاتحاد)، ونتمنى أن يكون بالمزاد العلني أو بالاعتماد على الإنترنت أو الاستعانة بجهات مستقلة، ونتمنى أن تكون عمليات الفرز بحضور المزارع نفسه، وتكون أسعار الزهرة معزولة عن أسعار البذرة وعن سعر الزغب، ثم تخصم الشركة أتعابها وتأخذ القطن إلى محالجها. كل العمليات الإنتاجية كوم والبيع كوم آخر، فلو ارتاح المزارع لعملية البيع واطمأن لها ستكون هذه الشركة قد (قلبت الهوبا)، وسوف يحملها المزارعون على الأعناق ويغفرون لها ماضيها غير المُشرِّف. هل تصدق عزيزي القارئ أن المزارع في العام الماضي كان يبيع القطن للتجار ومن الحواشة مباشرة بواقع 290 جنيهًا للقنطار بينما يورد الأقطان للمؤسسة بواقع 160 جنيهًا للقنطار؟!! أن تأتي متأخرًا خيرٌ من أن لاتأتي نهائيًا، ففي تقديرنا أن مؤسسة الأقطان في هذا الموسم قد مسكت في (الدرب العديل) ونسأل الله لها أن تكمل السير فيه إلى أن يضع المزارع (قريشاته) في جيبه؛ وأجزم هنا أن المساحة التي سوف تُزرع قطنًا في المواسم القادمة (للحي البعيش) ستكون فوق كل تصوُّر. من الأعماق نشُد على يد مؤسسة الأقطان في سياستها الجديدة سائلين الله لها التوفيق، وغدًا إن شاء الله لدينا شيء جميل آخر من الجزيرة وتحديدًا من محافظة الكاملين التي وزّعت الطوب الأحمر (الدانقيل) والأسمنت والسيخ والكمر والخشب على المدارس في بادرة لم تشهدها المنطقة قريبًا.. اللَّهم أحسن وبارك.
صحيفة التيار – حاطب ليل- 27/7/2010
aalbony@yahoo.com