الخــــرطـــوم.. مـــا هـــو ثمـــن الـــرضـــا الأمريكــي?

[JUSTIFY]لم يزل الشارع السياسي السوداني على صعيديه الشعبي والرسمي يرفع حاجبي الدهشة ويقرأ متأمِّلاً ما بين سطور التصريحات التي صدرت عن كبار المسؤولين الأمريكيين خلال اليومين الماضيين والتي شكَّلت موقفًا جديدًا ومفاجِئًا إزاء الأوضاع في السودان وهو موقف قذف بكثيرٍ من علامات الاستفهام التي تثير الشكوك في نوايا ما يمكن أن تكون أمريكا مقبلة عليه… فبعد 48 ساعة من تصريحات المبعوث الأمريكي للسودان برنستون ليمان التي أكَّد فيها كامل انحياز أمريكا للسودان في مواجهة كل ما يزعزع أمنه واستقراره، قام عددٌ من أعضاء الكونغرس (مجلس النواب) بإرسال خطاب إلى أوباما جاء فيه: (يجب أن يعلم كبار المسؤولين في أمريكا أن بعض ممثلي الولايات المتحدة لا يقدِّمون الحقائق عن السودان فيما يتعلَّق بجرائم الإبادة الجماعية وإنما هي أكاذيب، وأن الإبادة الجماعية في دارفور لا وجود لها البتة، بل إن حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان اللتين قامتا بالإبادة الجماعية في الإقليم وليست الحكومة السودانية، بل وقامتا بنسف جهود السلام في دارفور وأن الجيش الشعبي التابع لقطاع الشمال والمليشيات المسلحة التابعة له هي التي قامت بعمليات القتل والنزوح في النيل الأزرق وجنوب كردفان وأن القوات المسلحة السودانية لم تتدخل إلا بعد أن أصبح الأمر لا يُحتمل ولا بد من السيطرة عليه وطالبوا أوباما بالسعي لتجميد قرارات الجنائية الصادرة ضد كبار المسؤولين في الحكومة السودانية ورفع العقوبات والحظر عن السودان ).
قلبين ضمَّاهم غرام
خطاب الكونغرس المشار إليه سبقته تصريحات أطلقها مبعوث أوباما إلى السودان، برنستون ليمان، جاء فيها (أن انتقال الربيع العربي إلى السودان ليس جزءاً من أجندتنا)، وأن أمريكا حريصة على تحسين علاقتها مع الخرطوم، وأنها تفضل إصلاحات ديمقراطية دستورية في السودان، وليس إسقاط النظام، ولا حتى تغييره، وأضاف: ليس في مصلحتنا إسقاط النظام في السودان). وعن احتمال رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية قال ليمان: إن ذلك يعتمد على جهود الرئيس عمر البشير لحل القضايا العالقة مع الجنوب.وقال ليمان: إن الولايات المتحدة طالبت حكومة الجنوب بضرورة احترام سيادة السودان، بما في ذلك إنهاء الدعم للحركة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وكي مون أيضًا معانا
لكن ليمان نفسه وفي وقت سابق قال: (نحن لا نتعامل مع البشير مباشرة، خاصة بسبب اتهامات المحكمة الجنائية الدولية له بخرق حقوق الإنسان وجرائم الحرب والإبادة في دارفور) وطبقًا لذلك فقد أحجم كل المبعوثين الأمريكيين والوفود الأمريكية المختفلة عن مقابلة الرئيس البشير بسبب تلك الاتهامات الأمر الذي يستوجب الوقوف كثيرًا عند الموقف الجديد سواء على الصعيد النيابي (الكونغرس) أو الرسمي (مبعوث البيت الأبيض)، أو وزيرة الخارجية الأمريكية التي قالت إن بلادها حريصة على تطوير علاقاتها مع الخرطوم الأمر نفسه يفرض طرح بعض الأسئلة الجوهرية الملحة: لماذا هذا الموقف المفاجئ ولماذا في هذا التوقيت بالذات وما الذي وراءه؟؟!!!. ويضاف إلى ذلك أن أمريكا أدانت تحالف الجبهة الثورية مثلما فعل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان رسمي للأمم المتحدة حيث أدان تأسيس تحالف عسكري جديد بين بعض حركات التمرد في دارفور والحركة الشعبية الشمالية، هذا إذا وضعنا في الاعتبار أن الأمم المتحدة واقعة تحت تأثير الولايات المتحدة.
قلبي على جنوب باقان
للإجابة عن التساؤلات المطروحة بشيء من الموضوعية ووفقًا لمعطيات وأسانيد موضوعية ومحدَّدة يمكن الإشارة إلى جملة من الملاحظات والمؤشرات أبرزها على الإطلاق أن الإدارة الأمريكية الآن تعيش حالة من القلق والإزعاج على مستقبل حليفتها الوليدة (حكومة جنوب السودان) فكان لا بد لأمريكا أن تبحث عن مخرج لإنقاذ (الحليف الصغير) وما من مخرج سوى مساعدة الخرطوم خاصة أن أمريكا تدرك الآتي:
ـ الجنوب يعاني الآن من بوادر مجاعة طاحنة ويمكن للخرطوم أن تلعب دورًا مهمًا لحل الأزمة.
ـ الجنوب يعاني من وضع أمني مزرٍ بسبب التمرُّدات القديمة والجديدة وما من دولة تستطيع كبح جماح تمرُّد الجنوب إلا السودان لاعتبارات كثيرة ومعلومة.
ـ الجنوب وهذه هي الأهم لأمريكا بحاجة ماسة إلى تعاون الخرطوم في مجال تصدير النفط.
ـ الجنوب في أشدّ الحاجة لخبرات السودان الإدارية في مجالات شتى أبرزها الخدمة المدنية.
ـ ويعزز النقاط أعلاه أن ليمان وفي معرض رده على سؤال حول رفع السودان من قائمة الإرهاب قال: إن ذلك يعتمد على جهود الرئيس عمر البشير لحل القضايا العالقة مع الجنوب.
وتأسيسًا على ما سبق فإن حديث بعض السياسيين في الحزب الحاكم تعليقًا على الموقف الأمريكي الجديد بأن أمريكا بدأت تهادن النظام؛ لأنه استعصى عليها إسقاطه وغيَّرت سياستها عندما فشلت يصبح حديثًا غير مؤسَّس على معطياتٍ موضوعية وهو لا تتجاوز النظرة فيه موضع القدمين.
[/JUSTIFY]

الانتباهة -أحمد يوسف التاي

Exit mobile version