هل يعود قوش للواجهة مرة أخرى؟!

مع اقتراب اعلان التشكيل الوزارى للحكومة الجديدة ، وتزايد الارهاصات والاستنتاجات حول القادمين او المغادرين من وزراء وقادة حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ، يعمد كثير من السياسيين الى اطلاق تصريحات او تسريبات كبالونة اختبار ليعرفوا ان كانوا سيغادرون مناصبهم او يعاد تعيينهم من جديد او حتى ليستبقوا الاعلان الوزارى بعد ادراكهم انهم مغادرون لامحالة بعد سنوات طويلة ترددوا فيها على اكثر من وزارة. وفى هذا الصدد يجدر بنا الاشارة الى التصريحات التى اطلقها مستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان اسماعيل ، احد اكثر القيادات فى ال?طنى تقلدا للمناصب ، والتى قال فيها انه زاهد فى السلطة وانه غير معنى بالتشكيل الوزارى الجديد. وامس الاول وجه القيادى فى المؤتمر الوطنى ، والنائب البرلمانى صلاح عبد الله قوش انتقادات نادرة لاداء وزارة الداخلية خاصة فيما يتعلق بكشف الجريمة وتحركها قبل وقوع الجريمة. واوضح قوش الذى يمتلك خبرة عسكرية مرموقة اكتسبها خلال عمله السرى فى جهاز أمن الحزب الحاكم لسنوات طويلة قبل ان يتقلد منصب مدير الامن والمخابرات بالدولة ، «ان الشرطة تعتمد على الاحاطة بالجريمة قبل وقوعها وليس بالاجراءات الجنائية ، وان هذا الامر لايمثل?منهجا سليما». كما لم يسلم مشروع السجل المدنى الذى تفعل الشرطة كل مافى وسعها لانجاحه ، من انتقادات قوش بسبب «اعتماده على المعلومات الميدانية واهماله التأريخ والذاكرة القديمة». هذا فضلا عن انتقادات وجهها لما وصفه باهمال الداخلية للتطوير النوعى للشرطة وتركيزها على الكم ومستوى التسليح والسيارات وضعف رواتب افراد الشرطة، التى قال انها الاقل على مستوى الخدمة المدنية. وللمفارقة ، فان انتقادات قوش لهذه الوزارة جاءت فى وقت زادت فيه تكهنات سياسية واعلامية بامكانية تعيينه فى وزارة الداخلية بالذات بعدما اكدت مصادر نافذ? فى الوطنى «للصحافة» ان وزير الداخلية الحالى ابراهيم محمود سيفقد منصبه هذا الى موقع اخر. كما تعزز هذه الفرضية وجود تسريبات متواترة حول تأييد النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه للاصوات المنادية بعودة مدير المخابرات السابق الى القيادة للاستفادة من خبراته المتراكمة.
وربما قصد قوش الذى نادرا مايتداخل خلال جلسات البرلمان الكثيرة التى شهدها ان يقول انه موجود ، وان هنالك الكثير ليقدمه ، خاصة وان اللغة التى استخدمها والمعلومات التى اوردها وطريقة مداخلته ، جعلت كل الانظار تتجه نحوه ، وتضعه على دائرة الضوء.ويقول القيادى فى المؤتمر الوطنى الدكتور ربيع عبد العاطي ان امر تحديد الوزراء القادمين للوزارة الجديدة يحدده الرئيس البشير وفق معايير متفق عليها من قبل المكتب القيادى للحزب «نحن لانهتم بالافراد بقدر مانهتم بما يمكن ان تقدمه هذه القيادات للشعب السودانى ، وشعار المرحلة المقبل? هو الرجل المناسب فى المكان المناسب».
وعرف عن قوش حبه الشديد للسلطة والسيطرة ، وعدم الركون الى «الامر الواقع» ومواجهة التحديات وقلة الكلام . ولقد نقل عنه انه دائما مايقول «ان الحياة ماهى الا تحديات متكررة».ومنذ اعفائه من منصبه كمستشار للرئيس للشئون الامنية فى ابريل الماضى ظل صامتا لفترة طويلة ويتحرك فى هدوء حذر بصحبة رفيق دربه ، والامين العام للمستشارية السابق اللواء حسب الله عمر. ولعل عدم ركونه للامر الواقع وشهوته اللا محدودة للسلطة ، هى احد اكبر الاسباب التى جعلت الرئيس البشير يقيله من منصب المدير العام لجهاز الامن والمخابرات الوطنى الذى تر?سه منذ العام 2004 بعد ان تحول الجهاز الى امبراطوية كبرى ، ثم اقالته من منصب المستشار بعد ان تحولت المستشارية الى جسم سياسى عندما ابتدر حوارا مع القوى السياسية المعارضة حول مستقبل الحكم فى البلاد ، دون الرجوع الى الحزب الحاكم كما كشف نائب رئيس الحزب الدكتور نافع علي نافع وقتها عن هذا الامر. ويقول الناشر والصحافى محمد أحمد كرار ان شخصية قوش من الشخصيات المصادمة ولاتحب ان تكون فى الكواليس. ويعتقد كرار خلال حديثه لـ الصحيفة عن قيادات الحركة الاسلامية فى وقت سابق «قوش من الشخصيات التى تحب توزن كل شئ قبل الاق?ام عليه ، وغالبا مايفشل فى الامور التى يفكر فيها ويقررها.
ويرى المحلل السياسى الدكتور عبد الرحيم محمد على ان كل شئ وارد فى امر تكوين الحكومة الجديدة بما فيها اعادة تعيين صلاح قوش فى احدى الوزارات. واوضح محمد علي خلال اتصال هاتفى مع «الصحافة» يوم امس انه لاتوجد معايير محددة لتوزيع الحقائب الوزارية فى المؤتمر الوطنى ويمكننا ان نتوقع اى شئ. واضاف قائلا «بالنسبة لصلاح قوش يمكن ان يعود للواجهة مرة اخرى فى اى من المناصب ، وربما يحدث ذلك فى اطار اتقاء الشر ، وشخص مثل قوش لايرضى التهميش ، كما ان هنالك قيادات فى الحزب ترى ضرورة الاستفادة من خبراته العسكرية والامنية الم?راكمة بدلا ان يكون خاملا داخل دهاليز البرلمان». وينبه محمد علي الى امر اخر ، وهو ان الحكومة الجديدة فى حاجة ملحة الى ادارة حوار مع الولايات المتحدة ودول الغرب خاصة فى قضايا ديون السودان الخارجية والتطبيع مع واشنطن. ويضيف ان قوش له حظوة خاصة ومكانة محببة عند الامريكان وهو السودانى الوحيد الذى ارسلت واشنطن طائرة خاصة لنقله الى اراضيها عندما كان يتعاون معها فى ملفات الارهاب وغيرها « ، واعتقد ان انسب شخص يمكن ان يدير مثل هذه الحوارات هو صلاح قوش ، والحكومة اذا تعاملت بواقعية مع هذا الامر ودون حساسيات زائدة ف?مكن ان يجد قوش موطئ قدم له فى الحكومة المقبلة».
الصحافة
تقرير: محمد محمد عثمان
Exit mobile version