* صحيح، هنالك بعض الجرائم والفساد الاخلاقي.. ولكنهما ليست بالدرجة التي تبرر كل هذه الحملات، وصدور صحف بأكملها للترويج للجريمة، بل واعتماد صحف سياسية في سياستها التحريرية على اخبار الجرائم والفضائح، حتى لم يعد المرء يفرق بينها وبين صحف الجرائم والفضائح؟!
* أذكر انني كتبت عدة مقالات عن أداء شرطة النظام العام في نهاية التسعينيات، فاتصل بي المدير العام لشرطة النظام العام ودعاني للقاء بمكتبه للنقاش حول ما جاء في المقالات، وعندما ذهبت كان مصرا على أن انتشار الجريمة والفساد الاخلاقي بلغ حدا كبيرا، ثم دعاني لمشاهدة بعض شرائط الفيديو للفساد المزعوم، غير أن المفاجأة كانت صاعقة لي عندما ظللت قابعا امام الشاشة لمدة تزيد عن ساعة ولم أر سوى مناسبات أسرية مختلطة (حفلات أو رحلات في أماكن عامة) يمارس فيها البعض الرقص المختلط مثل ما يحدث في كثير من مناسباتنا الأسرية!!.
* قلت له بأنني لا أرى شيئا شاذا يدعوكم لوصف هذه الحفلات والرحلات البريئة بالفساد الاخلاقي ومداهمتها خاصة انها مناسبات اسرية وهو واضح من شخصيات المشاركين فيها، ثم من أين حصلتم على هذ الشرائط؟، فاجاب بأنها (ضبطت) مع أصحاب المناسبة، فقلت له بان هذا أكبر دليل على أن ما وصفتموه بالفساد الاخلاقي لا اساس له من الصحة فالذي يريد ممارسة الفساد لا يفعله في العلن، ولا يصوره في العلن، ولا يمارسه مع اسرته، إلا اذا كان شاذا أو مريضا نفسيا ولا يمكن أن يكون كل هذا الكم الهائل من الناس مرضى نفسيين، وللاسف كان ذلك مدعاة لغضبه لدرجة انه قال عني فيما بعد في برنامج (في الواجهة) التلفزيوني الذي كان يقدمه الاستاذ أحمد البلال.. (بأنني لن ارتاح إلا بعد إلغاء وتصفية شرطة النظام العام التي تحارب الفساد)..!!
* حقيقي إنني محتار ولا افهم كيف تروج بعض الاجهزة الحكومية والصحف ذات الصلة بالحكومة بأن المجتمع فاسد وان الفساد الاخلاقي بلغ شأوا بعيدا، وأن المخدرات صارت في كل جامعة وكل منزل مع أن الحقيقة غير ذلك تماما، فبلدنا وأهلنا بخير، وما يحدث عندنا لا يزيد عن المعدلات الطبيعية التي تحدث في اي مجتمع آخر، فما هو السر يا ترى في ترويج كل هذه المزاعم الخاطئة؟!.
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
19 يوليو 2010