* وقتها كنت أمارس الكتابة في (الرأي العام) (القديمة) على عهد مؤسسها ورئيس تحريرها الأستاذ القامة إسماعيل العتباني متعه الله بالصحة والعافية وبارك الله في مقبل أيامه، حاولت الكتابة عن حال الإنسان هناك، ولكن كبارنا في ذلك الوقت رحمهم الله وغفر لنا ولهم نصحوني بعدم الخوض في مثل هذه المسائل الحساسة فالبلد فيها ما يكفيها، ولعن الله الفتنة التي كانت في ذلك الزمان السمح نائمة فعلاً.
* سافرت كثيراً بعد ذلك إلى عدد من مدن الجنوب في مهام صحفية، أيام الحرب الأهلية التي عطلت التنمية التي كانت قد بدأت مثل مشروع قناة جونقلي ودمرت المشروعات التي كانت قائمة وكادت تقضي على الحياة الاجتماعية والعمران البشري.
* سافرت ايضاً أكثر من مرة بعد ان عاد السلام ووقفت الحرب بين أبناء الوطن، ورأيت كيف بدأت الحياة تدب من جديد رغم بطء ايقاعها ووجود بؤر كامنة للنزاعات القبلية التي تغذيها الصراعات والمكايد السياسية، ولكن العافية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية بدأت تسري ببطء أيضاً وبصورة غير ملموسة وسط غالب المواطنين هناك.
* اليوم بمشيئة الله تشهد مدينة جوبا خطوة متقدمة نحو التنمية المطلوب أن يجعلها أهلها مستدامة ومؤثرة في مستقبل حياتهم بدفعها وحمايتها وجعل ثمارها تعود على كل المواطنين هناك، بعيداً عن الصراعات القبلية التي تهدد أول ما تهدد مثل هذه المشروعات التنموية الحيوية.
* إن المرحلة الأولى التي من المقرر ان يشهدها اليوم السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في جوبا والتي تشمل أعمال المساحة الأرضية والتصوير الجوي وإنتاج الخرائط والمسح المائي لمجرى النيل والتوقيع على عقد صيانة وإعادة تشغيل خزان مريدي وشبكة توزيع المياه بالمدينة تعتبر خطوة مهمة على طريق التنمية في الجنوب لا بد من حمايتها بتأمين السلام واستكماله ليس في الجنوب فقط وإنما في كل ربوع البلاد، خاصة في دارفور العزيزة علينا جميعاً.
* ونحن نحتفل مع أهلنا في الجنوب ومع وحدة السدود القومية التي تقف وراء هذا العمل التنموي الضخم، نعلم ان هذه المشروعات وغيرها من المشروعات التنموية المنتظرة هي بوابة المستقبل للوطن والمواطنين ومفتاح الخير لإنسان السودان الذي دفع ثمناً غالياً في نزاعات دموية لا ناقة له فيها ولا جمل وآن الأوان كي يحس بثمار السلام في حياته اليومية.
كلام الناس – السوداني – العدد رقم 1001 – 2008-08-27 [/ALIGN]