* قلت له.. لماذا؟! فأجاب بأنه لا يدري، فقلت له بأنني أدري.. إنه كأس العالم الذي انتهي وتركنا للهموم والفراغ العريض والإحباط القاتل..!!
* ليس أنا وصديقي فقط بالطبع، فكلنا في السودان نعاني اليوم من إحباط شديد وفراغ قاتل بعدما انتهى كأس العالم، فلقد صارت الرياضة وخصوصاً كرة القدم وعلى وجه الأخص المناسبات والمباريات العالمية السلوى الوحيدة في حياتنا التي تبهجنا وتدخل السرور إلى نفوسنا وتلهينا عن الهموم الثقيلة وتجمعنا بالأصدقاء وتشعرنا بأننا مازلنا نعيش في عالم الأحياء..!!
* شهر كامل قضيناه في حالة تخدير لذيذة جداً، نسينا فيه كل شيء وانغمسنا في متعة كرة القدم الحقيقية الجميلة وسحرها البديع..!!
* نسينا ألهم السياسي والوجع الاقتصادي والهزائم الرياضية وعشنا بعيداً عن همومنا وآلامنا، بل نسينا حتى آمالنا (إن كانت لنا آمال) وصار أملنا الوحيد هو أن يأتي موعد المباراة خاصة المسائية لنجتمع مع الأصدقاء ونتحلق حول الشاشة السحرية نتبادل التكهنات والآراء والمداعبات اللذيذة، وعلى مقربة منا (حلة كاربة) تنتظرنا بفارغ الصبر كي نقضي عليها بعد نهاية المباراة ونريحها من لهيب النار التي (تتسبك) فيها على مهل.. أو صحن فول كبير ينتظر مصيره المحتوم..!!
* مناسبات كرة القدم العالمية في السودان شيء مختلف تماماً عن كل بلاد العالم، ولقد صادفتني بعض المناسبات وأنا خارج الوطن فلم أشعر لها بأية متعة ولم ألمس في الناس أي اهتمام غير عادي بها ولم أشعر بتغيير في أسلوب حياتهم اليومي بسببها، أما نحن.. فهي بالنسبة لنا الهواء الذي نتنفسه والطعام الذي نأكله والأمل الذي نعيشه، فهل نحن على خطأ وهم على صواب، أم العكس!!
* هكذا كأس العالم في السودان.. وكل المناسبات الرياضية العالمية، متعة ما بعدها متعة، لقاء مع الأصدقاء وعودة للروح وارتفاع في المعنويات ونسيان للأحزان!!
* الآن ذهب كأس العالم.. ذهبت كرة القدم الحقيقية.. ذهبت المتعة وجاء الألم.. ذهب (توريس وجاء وارغو).. ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وعادت ريمة إلى عادتها القديمة..!!
* ليت كل الأيام كانت كأس عالم حتى نظل مخدرين إلى الأبد.. ولكن هذا هو حال الدنيا يا صديقي، وكما تقول كوكب الشرق:
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق
وأفقـنا ليتنـا لا نفيـــق
لحظة طاحت بأحلام الكرى
وتولى الليل والليل صديق
وإذا النـــــور نذير طالــع
و إذا الفجر مطل كالحريق
وإذا الـدنـــيـا كمـــا نعرفـهـا
وإذا الأحباب كل في طريق
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
12 يوليو 2010