التاريخ من يكتبه

[ALIGN=CENTER]التاريخ من يكتبه [/ALIGN][/SIZE][/COLOR][/B] [ALIGN=JUSTIFY]يثير موضوع كتابة تاريخ السودان الكثير من الجدل، فكل شخص تجده يشكو ظلم التاريخ له (طبعاً ماضي أسلافه ومنطقته)، في الوقت نفسه تجد مفارقة غريبة تتمثل في أن الهجوم على المكتوب يشترك فيه أغلب اهل السودان لكن رغم ذلك تكاد تكون فئة واحدة من دون بقية أنحاء السودان المختلفة تحصر نفسها في خانة المدافعة عن نفسها عما حصل. وعملية الدفاع عن النفس سواء كان مباشرة أو بالإيحاء يقود التفكير إلى إمكانية وجود مساهمة ما من تلك الجهة المدافعة عن نفسها في الموضوع محل النقد.
حسب رأيي المتواضع فإن واحدة من الأسباب المؤدية إلى نقد الحكومات المركزية التي ظلت على دكة كرسي القصر الجمهوري منذ إعلان الإستقلال عام 1956م، ليس الهجوم بسبب المكتوب كما يظن البعض… إنما بسبب ما لم يكتب اصلاً، أو ما كتب لكن هناك شعور بعدم إعطاء أهمية لأحداث مماثلة وقد تفوق ما تحدثت عنه الكتب في مناطق اخرى من البلاد وجدت المساحة الكبيرة.ولم تقف تلك الأحداث عند تلك الكتابات فقط بل تعدتها حتى تسميات الأماكن والشوارع المهمة في الدولة.
ولإعطاء صورة واضحة لما أقصد، ولئلا يفهم من يشعرون بأنهم المستهدفون بالهجوم على كتابة التاريخ وأنني قد أكون – إن لم يكونوا فعلاً أكملوا الصورة الكاملة وإتخاذ الموقف اللازم بالدفاع عن أنفسهم كرد فعل متوقع – واحداً من المهاجمين، وبالتالي أكون وضعت نفسي أمام نيران هجوم لست بحاجة له في الوقت الراهن سوف أعطي بعض الأمثلة الحية التي لم اعرفها من خلال الدراسة الأكاديمية في المنهج المدرسي الذي قررته وزارة التربية والتعليم في السودان.وهذه الأمثلة آخذها من السنة اصحابها المكتوين بنيران التحوير أو إخفاء حقائق عنهم.
مثلاً نفس التاريخ المكتوب الذي يفتخر بالمك نمر عندما حرق إسماعيل باشا إبن محمد علي باشا.. وكذلك نفس التاريخ الذي لم ينس مجاهدات وبطولات عبد القادر ود حبوبة، لا تجد في الكتب المقررة في المدارس شيئاً عن السلطان يامبيو الذي قاد الزاندي ضد الإنجليز وقاتل دون كلل أو ملل رغم قوة الإنجليز.او فالنقل بان نفس الكتب لم تشر إلى (كون انوك) في البحيرات الذي قاد قبائل دينكا علياب ضد الإنجليز وجعل شعر الفتاة البيضاء زينة مربوطة على قرن ثوره مما جعل الخواجات يهربون من هناك وما زالت آثار سفنهم النيلية بمراسيها باقية حتى الآن، وفي مديرية بحر الغزال كان ارياط مكوي يقود ثلاثة الف رجل ضد الإنجليز حتى إنتهى به المقام بسجنه في بورتسودان (والد الدو اجو دينق كان واحداً من جنوده).
إذن فالمسألة في رأيي لا تتعلق عما كتب عن تلك المنطقة بقدر ما هي متعلقة بعدم الإشارة لجهود أناس ساهموا حقيقة في محاربة المستعمر ووثائقهم موجودة تثبت ما تحدثنا عنه أعلاه، لكنك لا تجدها في الكتب المقررة ما لم تكن باحثاً خارج ما وضعته أمامنا حكوماتنا.[/ALIGN]

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1000- 2008-08-26

Exit mobile version