“سوق الكرنتينة”.. إرباك للمرور وتهديد دائم للصحة في جدة

مع إشراقة شمس يوم الجمعة من كل أسبوع، وما أن ترسل خيوطها الذهبية في فضاءات مدينة جدة (عروس البحر الأحمر)، حتى تعاكسها صورة من تلك التي لا نتمنى رؤيتها في المدينة التي تحاول تبديل ثيابها على أمل أن تتخلص من العشوائية التي جثمت على صدرها زمناً طويلاً.

هذه الصورة غير الحضارية، والتي نقلتها صحيفة “المدينة”، يرسمها الكثير من النساء الوافدات اللاتي سيطرن على “سوق الكرنتينة” الذي اتسم بعشوائية واضحة في غياب أي نوع من أنواع التنظيم، فما أن تقودك قدماك إلى هذا السوق الذي يمتد من قلب حي الكرنتينة وأزقتها التي تعج دوماً بالمخلفات، حتى تصل إلى جسر الميناء، تجد ما تبحث عنه من مواد غذائية بجميع أنواعها، ولكنها منتهية الصلاحية، وكذلك خضراوات فاسدة وملابس مستخدمة يجهل مشتروها مصدرها، إضافة إلى الأثاث والأجهزة الكهربائية المسروقة، فجميع مرتادي السوق من العمالة الوافدة ومن مختلف الجنسيات، وفي غياب الرقابة تتم عمليات البيع والشراء لكل ما هو صالح وطالح وبأزهد الأثمان.
أغذية فاسدة وملابس مستعملة
ملابس بأسعار زهيدة

وليس للمواد الغذائية في هذا السوق موقع محدد بل تباع بجانب الأثاث والأجهزة الكهربائية والملابس المستخدمة، فكان حليب الأطفال بجميع أنواعه حاضراً ينتظر من يشتريه، وإلى جواره تجد جميع الأنواع الأخرى من المعلبات والأرز واللحم المفروم وغيره الكثير والكثير، وجميعها تقبع وسط مواد التنظيف، فكل ما هو معروض لا يحمل تاريخاً لانتهاء صلاحيته، لأنه في الأصل منتهي الصلاحية، ولكنه يباع في ظل غياب عين الرقيب الذي يهتم بصحة الإنسان، إضافة إلى الأطعمة المكشوفة التي تجد رواجاً كبيراً في هذا السوق.

وفي قلب هذه العشوائية وأطرافها المتباعدة تجد مجموعة من النساء أيضاً يروّجن لبضاعتهن من الملابس التي تتعدد استخداماتها وبجميع الأنواع والمقاسات، وبأزهد الأسعار بعد أن وجدت من يفضلها على سواها بحكم رخص سعرها، ولا يحتاج الأمر لأكثر من غسلها وكيّها، وهذا ما يؤكده عبدالغني وهو أحد الوافدين الذين درجوا على ارتياد هذا السوق أسبوعياً، وهو يرى أن الملابس المستخدمة أهون من المواد الغذائية منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر.
أجهزة كهربائية مجهولة المصدر
انتشار بيع الاسطوانات المسروقة

وما بين المواد الغذائية المعروضة وأكوام الملابس متعددة الاستخدام، تجد أثاث المنازل بمختلف أنواعه والأجهزة الكهربائية والإلكترونية مجهولة المصدر والتي تجد رواجاً كبيراً بين المتسوقين من العمالة الوافدة.

وتقول إحدى الوافدات: “نحضر إلى هذا السوق أسبوعياً لأن كل ما يباع فيه بأسعار زهيدة، كما أننا نجد كل ما نرغب في شرائه، من أثاث المنزل والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ولا يهمنا من أين تم إحضارها ما دمنا قادرين على دفع الثمن المطلوب فيها”.

وفي ذات العشوائية تجد الخردوات حاضرة في قلب السوق ولها زبائنها الذين يحرصون على اقتنائها، فهناك من يجد في الأواني المنزلية القديمة غايته ومطلبه، وآخر يبحث عن مبتغاه من الساعات ومخلفات البناء.
تكدّس مروري

عشوائية بالسوق

بعد الانتهاء من الجولة داخل السوق توجهنا إلى جسر الميناء الذي يقبع تحته وفي جنباته هذا السوق العشوائي لنضع اللمسات الأخيرة لتقريرنا، فإذا بأحد العابرين يتوقف فجأة ليرى ماذا لدينا، وبدلاً من أن نسأله نحن، أمطرنا هو بعدة أسئلة متلاحقة “أين نحن؟ وماذا يحدث؟ ما هذه الفوضى؟ وأين أمانة جدة والجهات الأمنية من كل ذلك؟”، وأضاف: “لم أكن أعلم بهذا السوق رغم أنني من سكان جدة، ولكن في الاحياء الشمالية، وقد مررت من هنا في طريقي إلى مكة المكرمة”.

وقد جعل هذا السوق العشوائي الذي تديره العمالة الوافدة من التكدس المروري عنواناً يومياً ثابتاً لشوارع هذا الحي، حيث تتعالى صيحات قائدي المركبات والشاحنات العابرة، ومنهم شاهين (سائق شاحنة) يقول: “كل يوم جمعة نعاني من هذه البسطات العشوائية التي تتسبب في هذا الزحام والفوضى المرورية التي تشل حركة السير تماماً في هذه المنطقة”.
الأمانة تراقب الوضع

وأوضح مصدر مسؤول في أمانة جدة أن هناك لجان مراقبة في البلديات الفرعية تقوم بجولات ميدانية لرصد الأسواق العشوائية، وهي تتابع بشكل يومي جميع الأسواق الشعبية والعشوائية، وسوف تكون هناك جولة على هذا السوق في حي الكرنتينة لرصد الوضع به.
ومن جانبه، أوضح المتحدث الرسمي لجوازات منطقة مكة المكرمة المقدم محمد عبدالله الحسين أن دوريات الجوازات تقوم بعدة حملات متفرقة على الأماكن العامة والأسواق فيما يخص أنظمة الجوازات، وتكون هذه الحملات موسمية ومجدولة بهذا الشان.

وأشار إلى أن دوريات الجوازات تشارك الأمانة في حملاتها التي يتطلب وجودنا بها سواء على الأسواق الشعبية والعشوائيات التي تكثر بها العمالة المخالفة؛ لتقوم الجوازات بدورها المناط بها من حيث ضبط المخالفين والمخالفات للأنظمة والتعليمات.

وأوضح استشاري الأمراض الجلدية بمستشفى الدكتور سليمان فقيه، الدكتور منجي عادل خيرالله، أنه عند استخدام ملابس تم استخدامها من قبل أشخاص سابقين يكون المستخدم الجديد للملابس عرضة للإصابة بأمراض فطرية مثل مرض التينيا المبرقشة بالصدر والظهر أو الإصابة بفطريات ثنيات الجلد تحت الأبطين أو بين الفخذين، كما يكون عرضة للإصابة بخمائر المونيليا في المناطق التناسلية، وكذلك الإصابة بالأمراض البكتيرية المسبب لها مكروبا العنقودي والسبحي في صورة التهابات متقيحة ببصيلات الشعر “دمامل أو خراج”.

وأشار إلى أن عملية الغسل ليست كافية لتعقيم الملابس التي سبق استخدامها من عدة أشخاص للقضاء على الفطريات والميكروبات، ولابد للخلاص من مسببات هذه الأمراض أن يتم تعقيم الملابس بالمستحضرات المناسبة مثل “الكلوركس” أو عن طريق غليها لدرجة لا تقل عن 100 درجة مئوية او عن طريق الكي المناسب لها بنفس درجة الحرارة، وذلك للتخلص من كل مسببات الأمراض قدر الإمكان.

العربية نت
Exit mobile version