[ALIGN=CENTER]صباح الخير أيها المواطن [/ALIGN]
صباح الخير أيها «…».. صباح الخير أيها المواطن السوداني، غاب عنك صحافيك السهل الممتنع.. الذي فتح دار صحيفة الوطن للإنسان السوداني البسيط دون أن يأبه للكثيرين من الكبار جداً، فخلق متنفساً للغلابة ليسمعوا أصواتهم.. فكم تناول صحفياً له أسهم في حل معضلة لصاحبها قد يراها غيره صغيرة.. مازلت أذكر قصصاً حكاها في مساحاته المتميزة.. شيخ من شيوخ الصحافة بروح شابة ومحيا سوداني أصيل.. اختلف الناس معه أم اتفقوا.. فقد جعل للصحافة أنموذجاً اسمه «استايل سيد احمد خليفة»، الذي جسد خلاله صباحات الإنسان السوداني الكادح.. كما أنه يتنفس بروح الشباب في كتاباته المذكراتية التي تجعلك تحس أنك أمام واصف وقاص دقيق.. كان خبر انتقاله للدار الآخرة حزيناً رغم إيماننا العميق بأن الموت نهاية كل فرد منا.. ولكنه كان رحيلاً لقامة صحفية أسست لعملها خلال عمر مديد بالعطاء وسيرة مستحسنة هدفها وقصدها إنسان السودان «محمد احمد» البسيط.. نقل صوراً صحفية حية لأحداث مضت.. جعل من الصومال وأقصوصاتها روحاً ونفساً ماثلاً.. لم تكن ممارسته للصحافة بروح جافة بكل معاني الجفاف، بل عبأها بروح الإنسان.. أذكر أنني يوماً قرأت له «صباحات»، حل فيها قضايا ملحة وتحقيقات أصابت مواقع الحل.. وقيمة هذا الرجل يدركها كل من مدّ له أيدٍ بيضاء.. والآن تمثل أمامي القصص التي حكاها في المذكرات، الصومالية.. وشيخ خوجلي.. وسجن كوبر وغيرها.. فقد رسمت في مخيلتنا صوراً ذهنية للشخوص التي حكاها وتناول مواضيعها.. لم أتمالك نفسي من أن تدمع عيني عليه.. فقد كان يزورنا يومياً.. «ليس في بيتنا»، ولكن في عقولنا وقراءاتنا ونظرنا.. ولا نملك إلا أن نعزي الأستاذ «عادل سيد احمد».. الذي ترك له الراحل المقيم «أمانة عصية على الحمل..».
ألا رحم الله الراحل الفقيد بقدر ما قدم داخل وخارج حدود الوطن.. وحقاً فقد الوطن صاحب «الوطن»، فقد اتسمت أعماله بالمهنية الإنسانية والتجرد لحمل الهم العام.. فقد التحق بالعمل الصحفي باكراً مطلع الستينيات، صحافياً بـ (الأيام)، ثم ظهر اسمه لامعاً في المملكة العربية السعودية في دنيا صحافتها الدقيقة المتمرسة في صحيفتي المدينة والشرق الأوسط.. وتلون عمله بالروح الأفريقية الشفوقة، فقد كان شاهداً على العصر لأحداث تذوقتها القارة السمراء في «الصومال الحزين» والقرن الأفريقي «القابل للانكسار».. وتأثرت جداً حينما قرأت أنه عليه رحمة الله، قد غادر بعد أن ودع أسرة السودان الكبير خلال خطابه لأسرة الصحيفة قائلاً: «الزملاء الأعزاء.. كان بودي أن أودعكم فرداً فرداً وأن استعد للسفر الى الأردن للمراجعة الطبية، ولكن لضيق الوقت وصعوبة وجود حجز اضطررت أن أغادر فجر الثلاثاء بإذن الله.. لذا أرجو أن تتقبلوا تحياتي.. واسألكم الدعاء وأوصيكم خيراً بأنفسكم.. وعملكم.. مع تحياتي لكم ولأسركم بالخير والبركة.. سيد احمد خليفة- رئيس التحرير.. وهذه هي كلمات المودع حينما يستشعر لحظات الوداع المر.
ألا رحم الله الراحل المقيم وجعل أعماله في ميزان الحسنات.
آخر الكلام: إنه سهم المقدور الذي يروعنا ولا نملك إلا أن نسلم بقدره.. ألا رحم الله الراحل بقدر ما قدم للوطن ولـ «الوطن».
سياج – آخر لحظة – 1392
fadwamusa8@hotmail.com