المنحط

[ALIGN=CENTER]المنحط [/ALIGN] وليد ز. س. شاب بسيط ينتمي الى قرية في بلد عربي، وتعلق قلبه شابة اسمها رنا بادلته حبا بحب، وكعادة العشاق صغار السن تعاهدا على ألا يفرق بينهما سوى الموت، ومسلحا بالحب والتعهد تقدم وليد لطلب يد رنا، فسأله والدها عن بقية أسلحته لدخول الحياة الزوجية، فوجده منزوع السلاح في هذه الناحية، فقال له ما معناه: شوف يا ابني.. نحن لا نملك من المال ما يجعلنا نسهم في تحمل جزء من نفقات زواج بنتنا.. وليس لدينا بيت يتسع لكما بعد الزواج، ونعرف ان بيت أهلك لا يتحمل فرخة إضافية.. فإذا استطعت توفير مهر وشبكة وبيت زوجية كامل الأثاث، مرحبا بك، وإذا لم تستطع – وهذا هو الاحتمال الأكبر لأننا نعرف ظروفك – فابحث لنفسك عن زوجة في مكان آخر غير بيتنا.هذا كلام محبط، وخاصة ان وليد أدرك أنه لو قضى عشرين سنة يضع راتبه تحت المخدة مع الإضراب عن الطعام والشراب واللبس، طوال هذه المدة، فلن يتمكن من توفير السكن المؤثث لحبيبة القلب.. ولأن المحبين يعشقون الشكوى فقد سمع بحكايته صديق وأتاه بالحل العبقري: في مدينة كذا هناك رجل شبعان وجيبه مليان لديه ست بنات في سن الزواج، وأعلن للقاصي والداني أنه سيمنح كل من يتزوج بإحدى بناته شقة مفروشة، وسيتحمل عنه كافة نفقات الزواج (بما في ذلك بدلة العريس).. عليك نور.. اقترح عليه الصديق الزواج بواحدة من بنات الرجل الشبعان المليان ثم “يضرب ضربته”، أي يستثمر علاقاته بالأب للحصول على مال وفير ثم “يخلع” ويعود ويتزوج بالحبيبة رنا (هذه واقعة أنقل وقائعها عن صحيفة في البلد الذي ينتمي اليه وليد وبها أسماء الناس والمواقع بالتفصيل).وجدت الخطة هوى في نفس وليد، فسافر الى المدينة التي بها الرجل أبو الملايين وست بنات، واستحم عدة مرات ومسح جلده بالكريمات، وتقدم عارضا أوراق اعتماده: أن فلان بن فلان .. شاب غلبان.. أخاف على نفسي من الفلتان، و…. لم يجعله الرجل يكمل كلامه: أنا أيضا أريد لبناتي الستر وسأزوجك واحدة منهن.. وتم الزواج من دون ان يعلم أهل وليد او الحبيبة رنا بالأمر، ووجد وليد نفسه يعيش في شقة فخمة بها أثاث لم ير له نظيرا إلا في أفلام هوليوود، ولأنه غلبان وسنكوح فقد عرض عليه والد زوجته العمل معه في احد مصانعه في وظيفة كبيرة، براتب ضخم، وعاش وليد حياة مرفهة ولكن “قطيعة تقطع الحب وسنين الحب”، ظل متعلقا برنا وشرع من ثم في الجزء الثاني من الخطة.. أعود فأذكر القراء انه تزوج ببنت الرجل الغني من منطلق انتهازي، ولكن انتهازية عن انتهازية تفرق.. يعني لم يقل وليد لنفسه “أنا دخلت على هذه العائلة على طمع ولكن الحمد لله وجدت الحياة المريحة ويجب أن أحافظ على زوجتي ومركزي”.. ولم يقل “أتحمل هذه الزوجة بنت العيلة الغنية إلى حين ان أتمكن من توفير مبلغ يكفي لزواجي من رنا وخاصة أنني لست ملزما بإنفاق فلس واحد من راتبي” ولم يقل “توفير المال من راتبي سيستغرق وقتا طويلا وبإمكاني استغلال مركزي في المصنع واختلاس الأموال بصورة غير مكشوفة ثم أطلق بنتهم وأتزوج برنا”.كان وليد انتهازيا أحقر من النماذج الافتراضية أعلاه، فبعد شهر واحد من الزواج سرق من خزانة المصنع عشرات الآلاف وخبأها في شقة الزوجية من دون ان ينكشف أمره.. وبعدها بأيام سرق مجوهرات زوجته.. وكمان كم يوم وسرق أموالا سائلة ومجوهرات من أم زوجته، و… هرب.. انتهازي وغبي.. وذهب الى والد رنا وأبلغه أنه جاهز و”طلباتك أوامر”، وتم وضع جدول زمني لزواج الحبيبين، وحضر الشهود.. بس كانوا من رجال الشرطة الذين كمشوا وليد ووجدوا عنده النقود والمجوهرات، وهو الآن يقضي شهر العسل في مخفر الشرطة توطئة لنقله الى فندق صفر نجوم ليقضي فيه عدة سنوات خلف أسوار شاهقة.كان أستاذي إبراهيم عثمان في المدرسة المتوسطة، إذا غضب من أحدنا صاح فيه: يا أرذل من الرذيل وأحط من المحطة وأحْيَر من سمكة على شاطئ دجلة! لا أعرف كيف استنتج ابو خليل ان سمك دجلة يعاني من الحيرة، ولكنني لا أجد وصفا لوليد هذا سوى أنه “أحط من المحطة”

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

Exit mobile version