قلم بدولار كما قلم بمليار

[ALIGN=CENTER]قلم بدولار كما قلم بمليار [/ALIGN] هناك شيئان أحرص على وجودهما في أي مكان أكون فيه: القلم والساعة. ولعل هذا يثير دهشة البعض باعتبار ان القلم، في عصر الكمبيوتر، لم يعد له دور في حياتنا ولأن كل الأدوات التي نستخدمها في حياتنا اليومية من تلفونات وكمبيوترات وحتى مواقد الطبخ باتت مزودة بساعات، واعترف بأنني نادرا ما استخدم القلم، ولكنني احتفظ على الدوام بقلم في جيب قميصي او “بدْلتي” الإيطالية التايوانية.. ففي العالم العربي لا يمكن ان تدخل مكانا ما دون ان يطالبوك بـ”التوقيع”.. لو سمحت سندوتيش فلافل بدون سلطة وشاورما لحم بدون طحينة!! حاضر.. تفضل يا أستاذ.. بس لو سمحت توقع على القرطاس الذي حول السندويتشين.. وتذهب الى بنك الدم للتبرع بدمك الشريف الغالي فيعرضون عليك أوراقا لتضع توقيعك عليها، ولو قرأت محتواها لن تتبرع له ولا بنقطة رذاذ من عطسة: بهذا أقر بأنني تبرعت بدمي طوعا دون إكراه.. بهذا أقر بأنني أتحمل تبعة ومسؤولية أي كارثة صحية تلحق بي نتيجة لتبرعي بالدم.. بهذا أقر بأنني أتحمل أي عواقب تترتب على إصابة أي شخص ينقل إليه الدم الذي تبرعت به بالإمساك أو الإسهال أو ضعف النظر.. والمطارات العربية ما زالت تتمسك بإرغام كل من يمر بها على كتابة سيرته الذاتية في استمارات متعددة الألوان والنسخ (لأنني كثير السفر فقد لاحظت أن رجال الجوازات لا يلتفتون كثيرا الى البيانات التي تسجلها في استمارات الدخول والمغادرة فصرت مثلا أكتب في مكان الميلاد: كمبوديا أو فندق هيلتون!! اسم الوالدة؟ أحيانا أكون صادقا وأكتب “آمنة” وأحيانا أكثر تنتابني الرغبة في التمسخر على البيروقراطية: “مالهم واسم أمي؟ اسم الوالدة” زيزي.. كاسترو.. مدغشقر!! وصدقني ان المسألة “تعدي” بمنتهى السهولة.. وحتى لو أخطأت في كتابة رقم الجواز ستعدي المسألة على خير لأن رجل الجوازات معني فقط بصحة ما هو مكتوب في الجواز نفسه وما تلك الاستمارات إلا لبهدلة خلق الله بلا مبرر او مسوغ.وعندي ما بين 15 الى 20 ساعة معصم ونحو 10 ساعات حائط وعدد من ساعات التنبيه، ولكن الموبايل أراحني من ساعات المعصم و”المنبه”، ولكنني حريص على الاحتفاظ ببعض ساعات الحائط حتى أعرف الزمن والوقت أينما جلست في البيت او المكتب… وهكذا لم تعد عندي ساعة معصم واحدة صالحة للاستخدام لأن بطارياتها جفت لأنها ظلت مهملة لسنوات طويلة.هل سمعت بفالغر نوكتيرناس؟ إنه قلم من صنع مجموعة تيبالدي المشهورة، ويتميز بأنه مرصع ب 945 فص ألماس و123 قطعة من الياقوت.. وسعره؟ ما راح نختلف.. وبلاش نناقش الماديات.. من أجل خاطرك سعره 8 ملايين دولار!! وماذا يفعل القلم أبو 8 ملايين؟ سؤال سخيف.. مثله مثل أي قلم يكتب إذا أمسكت به وحركته بأصابع يدك! طيب ما قولك في أنني أملك قلما سعره أقل من دولار واحد وظل يكتب منذ أن استخدمته لأول مرة قبل أكثر من عام؟وللمرة الثانية أعترف لصديق يقرأ مقالاتي بانتظام حسب زعمه: تذكر القلم الذي أهديته لي مع مسبحة متلألئة؟ رآهما صاحبي “المستنير والفنجري” وصاح: يا الله.. هذا القلم على الأقل بألف دولار ومن باب المداعبة قلت له هات الف ريال (أقل من ثلث الدولار) وخذه، وبلا تردد أعطاني الريالات الألف واحتفظ بالقلم.. وسألته عن المسبحة فقال إنها “غالية جدا” ولا طاقة له بثمنها ولكنني أكدت له أنني لن أتعامل مع صديق مثله بمنطق التجارة، فأعطاني ألف ريال أخرى وأخذ المسبحة.. سامحني يا صديقي فالألفي ريال “حلت لي مشكلة” بينما القلم الفاخر والمسبحة الأفخر كانا سينضمان الى أرشيف الأشياء المركونة عندي في البيت إلى أن اكتشف أنهما فقدا صلاحيتهما.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

Exit mobile version